للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الضغوط والعواصف" التي أشار إليها ستانلي هول. صحيحٌ أن معظمهم يعاني من عدم الاستقرار الانفعالي من وقت لآخر, وهذا طبيعيٌّ بسبب التكيفات التي يجب أن تتمَّ لأنماطٍ جديدةٍ من السلوك, ولتوقعاتٍ اجتماعيةٍ جديدة, إلّا أن هذا كله لا يؤدي بالمراهق -حتمًا- إلى سوء التوافق أو الاضطراب النفسي.

ويؤكد هذا القول النتائج الهامة التي توصَّلَ إليها رائد بحوث المراهقة في مصر صموئيل مغاريوس "١٩٥٧"؛ ففي دراسته الهامة التي قام بها عام ١٩٥٧ على ٦٧ حالة من الشباب المصري الذين تجاوزوا مرحلة المراهقة, مستخدمًا طريقة تحليل الوثائق الشخصية "في صورة السير الذاتية", توصَّلَ من تحليل محتوى المذكرات التي كتبها هؤلاء المفحوصون إلى تصنيف "أشكال" المراهقة في مصر إلى أربعة أنواع هي: المراهقة التكيفية، والمراهقة الانسحابية المنطوية، والمراهقة العدوانية المتمردة، والمراهقة المنحرفة.

وعلى الرغم من أن انفعالات المراهق تكون في العادة حادةً، والتعبير عنها لا يخضع للتحكم، وبالرغم من ظهور بعض أعراض سوء التوافق نتيجةً لهذا, فإننا عادةً ما نلاحظ تحسنًا في السلوك الانفعالي عامًا بعد عامٍ, ومرةً أخرى نجد أن النموَّ الانفعالي يتجه تدريجيًّا نحو الاستقرار مع الاقتراب من مرحلة الرشد، شأنه في ذلك شأن النمو العقلي والجسمي.

وعمومًا فإن الأنماط الانفعالية لدى المراهق, تشبه إلى حَدٍّ كبيرٍ ما لدى الطفل، ولكنها تختلف عنها في نوع المثيرات التي تثير لدى المراهق انفعالاته، وفي صور التعبير عنها؛ فالغضب يستثار في المراهقة المبكرة نتيجة النقد أو السخرية, أو حين يشعر المراهق أن أصدقاءه يُعَامَلُونَ معاملةً غير ملائمة من الوالدين أو المعلمين، أو حين يُحْرَمُ من بعض الامتيازات التي يعتبرها من حقوقه، أو حين يُعَامَلُ "كطفلٍ", كما يشعر بالغضب حين لا تستقيم في نظره الأمور، أو حين يعجز عن إتمام ما أَعَدَّ نفسه لإنجازه، أو حين يُقَاطَعُ أثناء الانشغال بعمل، أو حين يقتحم الآخرون عالمه الخاص, أو يتم التعدي على ممتلكاته الشخصية.

ويشعر المراهق الصغير بكثير من مشاعر الإحباط حين يُعَاقُ إشباع حاجاته, وخاصةً حاجته إلى الاستقلال, كما تُوجَدُ مصادر كثيرة للتوتر, بعضها ينشأ عن سلوك الآخرين إزاءه "وخاصة الوالدين والمعلمين وغيرها من ممثلي السلطة الاجتماعية", وبعضها من الأشياء التي توجد في بيئته ولا يحبها، وبعضها الثالث من سلوكه هو, وقد يستخدم المراهق في هذه المرحلة الاستجابات الصريحة

<<  <   >  >>