للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واسمه وأسرته وأقرانه ومستوى طموحه وتطلعه, وهي جميعًا عوامل تحتاج إلى دراسات جادة في بيئتنا العربية والإسلامية.

وترجع بعض التغيرات التي تطرأ على شخصية المراهق إلى أثر الضغوط الاجتماعية التي يتعرض لها, ويتضح ذلك خاصةً في السمات المتصلة بجنس المراهق؛ فسمات المخاطرة والإقدام مثلًا تميز الفتيان، بينما تميز الفتيات سمات الرقة والمحافظة, وتوجد سمات أخرى تُعَدُّ مقبولةً اجتماعيًّا, وأخرى غير مقبولة اجتماعيًّا لكلٍّ من الجنسين, ويسعى المراهق لتنمية الصفات المقبولة في شخصيته, ونحن في حاجة إلى دراسات جادة تحدد لنا هذه السمات الفارقة لدى كلٍّ من الجنسين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.

وهنا يجب أن نؤكد أن الوالد والمعلم يُقَدِّرُ التلاميذ المراهقين على أسسٍ تختلف عن أسس تقدير بعضهم البعض؛ فهو قد يقدر التلميذ مثلًا لأنه مؤدب أو متدين أو يستذكر دروسه ويؤدي واجباته المدرسية، بينما يُقَدِّرُ المراهقون بعضهم بعضًا على أسسٍ مختلفة، وليس معنى ذلك أن يتبنى المعلم والأب أسس تقدير المراهقين لأنفسهم عند تقديره هو لهم، ولكن معرفة المدرس والوالد بهذه الحقيقة يفيده في فهم شخصية المراهق؛ فالمعلم حين يمتدح التلميذ لأنه متفوق في المدرسة قد يؤدي ذلك به إلى نبذه من جماعة المراهقين التي ينتسب إليها, والتي قد تكون عادةً من ذوي الأداء المدرسي العادي, وقد يؤدي به ذلك إلى أن يتخلف دراسيًّا عن قصدٍ كما بينا من قبل, والمهم للمعلم وهو يتعامل مع المراهقين أن يتعرف على أسس تقدير المراهقين بعضهم لبعض حتى لا يتعارض أسلوبه في معاملة المراهق مع مواضع هذا التقدير.

وربما لا يُوجَدُ عاملٌ يلعب دورًا في مفهوم الذات لدى المراهق يفوق مستوى الطموح، فمن المعتاد أن يحدد المراهق أهدافه؛ بحيث تتجاوز قدراته بسبب ضغوط الوالدين من ناحية، وبسبب عدم قدرته على تقدير قدراته التقدير الصحيح من ناحيةٍ أخرى, وحين يفشل في تحقيق أهدافه يشعر بعدم الكفاية, ويدفعه هذا بدوره إلى الخضوع لمزيد من الضغط للقيام بمزيدٍ من العمل، ويؤدي ذلك كله به إلى القلق, أو اللجوء إلى بعض الحيل اللاشعورية, ومنها الإسقاط "أي: عزو الفشل إلى الآخرين".

وتؤكد الدراسات الكلينيكية "Hurlock ١٩٨٠" أن عدد الحالات التي تعاني سوء التوافق لأول مرة في مرحلة المراهقة المبكرة قليل بصفة عامة, مالم يحدث

<<  <   >  >>