للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يحدد عزت حجازي "١٩٧٨" نهاية مرحلة الشباب بسن الخامسة والعشرين, أو ما حولها؛ لأن هذه هي السن التي تحدث عندها تحولات هامة في حياة الفرد, فعندها يترك التعليم بعد استكماله -عادةً- ويلتحق بعمل دائم، ويتزوج، أو يسعى إلى تحقيق ذلك على الأقل، فهو بعبارة أخرى يترك "فترة الاعتماد", ويبدأ حياة "الاستقلال عند الراشدين".

وترتبط مرحلة الشباب أيضًا بالمدى الواسع من الخيارات, وبالبدائل المتاحة من أساليب الحياة والأدوار الاجتماعية, ولم يتوافر للشباب في تاريخه كما يتوافر له الآن من تنوع الفرص التي يمكن أن يعيش بها حياته، بالإضافة إلى زيادة مسئوليته الشخصية عن اختياره، دون تدخل مباشر من الأسرة, أو من تقاليد المجتمع، وهذا التنوع في الفرص, ومسئولية الفرد عن قراره, أدَّيَا إلى إطالة الفترة التي تسبق هذا الاختيار, وخاصةً في مسألتي العمل والزواج، مما أدَّى مرةً أخرى إلى تأجيل الرشد كما بينا.

إلّا أن ما يجب أن نحذر منه أن تطول هذه الفترة الانتقالية أكثر مما يجب, كما يجب أن نحذِّرَ من أن تكون هذه الإطالة رغم أنف الشباب أنفسهم، بسبب الظروف الاجتماعية الاقتصادية القاهرة التي تجعل من الصعب على الشباب أن يجد عملًا مناسبًا، أو تجعل من المستحيل عليه أن يتزوج ويكوّن أسرة؛ إذ قد يظهر -حينئذ- ما يسميه كينسترون "Kinistron ١٩٧١" "رفض التطبيع ويتخذ ذلك في رأينا إحدى صورتين: العزلة والاغتراب, أو العنف والتطرف، وكلتاهما يعاني منه المجتمع المصري والعربي الحديث.

ولعل هذا يفسر لنا تداخل حدود صور الشباب "المراهقة المتأخرة كما تسمى أحيانًا, وهي تسمية غير موفقة" مع حدود الرشد -كما سنبين في الفصل التالي؛ فبعض الشباب يصلون إلى مستوى الأهلية الكاملة لممارسة مهام الرشد عند حوالي ١٨ سنة، فهم يعملون ويُجَنَّدُون ويتزوجون في هذا السن, ولعل هذا يثير المشكلة التي سنتناولها بالتفصيل في الفصل التالي, حين يوصف هؤلاء جميعًا بأنهم غير "راشدين"؛ لأنهم لم يبلغوا بعد سن الرشد الذهبي, أي ٢١ عامًا.

إلّا أننا يجب أن ننبه إلى مسألة هامة, وهي أن وجود مرحلة للانتقال من ضعف الصبا إلى قوة الرشد واجبة في العصر الحاضر, وهكذا فإن المراهقين الذين يُحْرَمُونَ من مراهقتهم تمامًا كمرحلة انتقال إلى الرشد، حين يجبرون على العمل في سن البلوغ أو قبله أو بعده بقليل, يعانون من عوائق الرشد، مثلهم في ذلك مثل

<<  <   >  >>