الجامعات والمعاهد العليا، والبعض الآخر إلى المعاهد الفنية المتوسطة، ويلتحق البعض بالقوات المسلحة، ويحصل البعض على عملٍ أو مهنة، وقد يتزوج البعض، وهذا كله ينأى بهم عن البيئات "الطبيعية" التي عاشوا فيها طوال حياتهم السابقة, ويؤدي ذلك إلى انهيار كثيرٍ من الصداقات القديمة وإحلال صداقات جديدة محلها.
وتتنوع الجماعات أثناء الشباب حسب طبيعة النشاط الذي يقوم به الفرد، وتشمل الجماعات الرياضية والاجتماعية والفكرية والأدبية والدينية وغيرها, ولهذا تتنوع الصفات التي يجب أن تتوافر في قائد كل جماعة منها, وهكذا تتحول القيادة في هذه المرحلة لتصبح موقفية كما هو الحال عند الراشدين, ولعل هذا يفسر لنا اختلاف السمات التي يقدرها الشباب في قادتهم, حسب طبيعة النشاط الذي يمارسونه.
ويتسم طور السعي باستقرار السلوك القيادي, فبعد أن كان القادة يظهرون ويختفون في مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة, أصبح الأمر مختلفًا الآن؛ إن الشخص الذي يظهر مهارات القيادة وهو في السنة الأولى الجامعية مثلًا يظل كذلك طوال سنوات دراسته الجامعية, ويعتمد استمرار القيادة بالطبع على استقرار الجماعة من ناحيةٍ, وعلى مرونة القائد من ناحيةٍ أخرى, والقائد الناجح من الشباب هو الذي يكتسب مزيدًا من الاستبصار الاجتماعي؛ من خلال مشاركته الإيجابية في الأنشطة الاجتماعية المنوعة، وهذا يجعله أكثر قدرةً على المواءمة مع مطالب الجماعة، ويعينه هذا بدوره على الاستمرار في القيادة.
ويلعب الانطباع دورًا هامًّا في التقبُّل الاجتماعي في هذا الطور, ويتأثر هذا الانطباع بعوامل كثيرة؛ منها مظهر الفرد وسلوكه, والأشخاص الذين يحتك بهم, ومستواه الاجتماعي, ودرجة التشابه بينه وبين آخرين يعرفهم الشاب من قبل, وحالما يتكون الانطباع فإنه يؤثر في سلوك الشاب واتجاهاته نحو الشخص, فإذا كان الانطباع موجبًا يزداد تقبلًا له, والعكس صحيح.
وقد أجريت دراسات مصرية عديدة حول الصداقة والقيادة لدى الشباب من طلاب المرحلة الثانوية والجامعات، إلّا أننا نحب أن ننبه إلى أن هذه الشريحة ليست وحدها هي التي تؤلف المجتمع الأصلي لشباب مصر, وهذا يعني أننا في حاجةٍ إلى مزيدٍ من البحث على جماعات العمال والفلاحين والموظفين, وغيرهم ممن لم يكن لهم نصيب من الاهتمام البحثي حتى الآن.