المبكر لا قبله ولا بعده "أي ليس أثناء المراهقة, ولا خلال الرشد الأوسط" تكون أكثر قدرةً على إنتاج البويضات المخصبة، كما أن دورتها الهورمونية المرتبطة بالتناسل تكون أكثر انتظامًا، وتكون بيئة الرحم والحوض أكثر ملاءمة لحمل الجنين, وأكثر يسرًا في ولادته, وعلى الرغم من أن بعض النساء يحملن بدون مشكلاتٍ خلال المراهقة المتأخرة, أو مع بداية الأربعينات من العمر, إلّا أن معدَّلَ الخصوبة في هذه الحالات ليس بنفس جودة طور الرشد المبكر، كما أن الولادة تكون أكثر صعوبة، بالإضافة إلى احتمال إصابة الجنين ببعض النقائص التي تناولناها فيما سبق عند عرض خصائص مرحلة الجنين.
وهكذا فإن طور الرشد المبكر هو طور اكتمال النموِّ الجسميّ, باستثناء الحالات القليلة التي تتعرض للإصابة بالأمراض أو النموِّ غير السوي, ولا يلاحظ الراشد الصغير أيَّ علاماتٍ تدل على التدهور أو على التقدم في السن إلّا بعد الأربعين، وهي علاماتٌ تجعله حينئذٍ أكثر اهتمامًا بصحته وجسمه, إنه عندئذ يبدأ في المقارنة بين أدائه في طور الرشد الأوسط, وأدائه في طور الرشد المبكر، فيدرك مدى ما كان عليه من صحة وقوة ونشاط وفعالية وإنجاز، وبعبارة أخرى: فإن الخصائص الجسمية القصوى للرشد المبكِّر لا يدركها المرء في أوانها، وإنما يقدرها حين يعود بذكرياته إلى الوراء, بعدما يصل إلى الرشد الأوسط أو الشيخوخة، وحينئذٍ يقدر النعم التي كان قد أنعم الله عليه بها، والتي ربما لم يحافظ عليها حقَّ المحافظة، وقد يندم على ما فَرَّطَ في حق نفسه، ولات حين مندم.