للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على عضوية عدد كبير من المؤسسات الاجتماعية "كالنقابات", ولهذا نلاحظ على الراشد الصغير أنه يتسم بالحركة والتغير اللذين يتم التعبير عنهما بكثير من الطرق, ويقترح وايت "White ١٩٧٥" خمسة مظاهر نمائية شائعة في هذا الطور, تمثِّلُ إمكانات نموه، والتي قد لا تتحقق جميعًا بالضرورة خلال الرشد المبكر وهي:

١- استقرار هوية الأنا أو الذات: يقصد بهوية الأنا أو الذات ego identity, المشاعر التي يكونها الشخص حول نفسه, وتتسم هذه الظاهرة في هذا الطور بأنها أقل تأثرًا بالخبرات المؤقتة أو العارضة كما كان الحال في الماضي، فلا يمكن لذات الشخص أن تتفكك أو تتحلل كما كان يمكن أن يحدث لها منذ عشر سنوات خلت, حين يوصف مثلًا بالجبن أو الفشل, وخاصةً إذا كان الشخص متأكدًا أن ذلك وصف غير صحيح لذاته, ونتيجةً للالتزام الكبير بالأدوار الاجتماعية "وخاصة الدور المهنيّ", وبالآخرين من حوله "كالزوجة والأبناء", فإن الراشد يكون أكثر استقرارًا واتساقًا ووضوحًا في نمو شعوره بذاته، ولهذا يحدث ما يسميه وايت: اسقرار هوية الأنا أو الذات.

٢- تحرير العلاقات الشخصية: الراشد كذلك أقل تأثرًا برغباته ونزعاته وخيالاته الخاصة في علاقاته الشخصية إذا قورن بالمراهق أو الشاب, وهذه الحرية تسمح له بتنمية علاقات مع الآخرين, تتفق مع الخصائص والحاجات التي يتسم به الآخرون, وهذا لون راقٍ من التوافق, فحالما يصل الراشد إلى نظرة مستقرة نحو ذاته يكون أقل قلقًا, وأخف اهتمامًا بذاته على نحوٍ يجعل من التيسير عليه تقبل الآخرين, وتكوين علاقات شخصية ناجحة معهم.

٣- تعميق الميول والاهتمامات: خلال هذا الطور ينشغل الراشد الصغير انشغالًا أكبر بمجالات خاصة من الميول والاهتمامات, والراشدون في ذلك على عكس الأطفال والمراهقين والشباب الذين تكون اندماجاتهم في هذه المجالات قصيرة الأمد؛ فالراشد المبكر يظهر التزامًا حقيقيًّا بميوله, سواء أكانت في المجال الأكاديمي أم المهني, في مجال الهواية أم في نطاق العلاقات الشخصية, ولهذا السبب نجد أن الراشد يستفيد من أنشطته أكثر ممن هم أصغر منه سنًّا, سواء أكان ذلك في ضوء المهارات التي يتعلمها, أو الرضا والإشباع الذي يحصل عليه.

٤- زيادة إنسانية القيم: يظهر الراشدون أيضًا وعيًا متزايدًا بالمعنى الإنساني للقيم, وبالوظيفة التي تؤديها في المجتمع, ولم تعد الأخلاق عنده -كما بينا- قواعد جامدة أو مطلقة كما كان الحال من قبل، وإنما أصبح ينظر

<<  <   >  >>