بين مسئولياتها الأسرية والمهنية, بل إن أزواج هؤلاء النساء عَبَّروا عن هذا الصراع بين العمل والأسرة, ولا شكَّ في أنَّ معظم العبء يقع على عاتق المرأة, وخاصةً إذا كان عليها أن تقوم بمسئولياتها المهنية كاملة, ثم يكون عليها في نفس الوقت أن تقوم بمسئولياتها إزاء البيت والزوج والأولاد كاملة أيضًا, وهذا هو المصدر الرئيسي لما يُسَمَّى في هذه الحالة صراع الأدوار لدى المرأة العاملة.
وكان لا بُدَّ للأسرة ذات الزوجين العاملين أن تُكَيِّفَ من طبيعتها للملاءمة مع هذا الظرف, وتتوافر أدلة كافية "Maret Finlay ١٩٨٤ على أن بعض الأزواج يشاركون زوجاتهم العاملات في أعمال المنزل ورعاية الأطفال، إلّا أن الأغلبية يعتبرون هذه الأعمال من مهام المرأة، على الرغم من حماسهم الشديد لعملها بسبب ما توفره من دخل, وربما كان ذلك كله وراء الحجة المطروحة حول تغير الأدوار الزوجية.
إلّا أن تناولنا ومناقشتنا لهذه الحجة لا بُدَّ أن يكون -مرة أخرى- في إطار الإسلام, وفي هذا الإطار نقول: إن الإسلام لا يحرِّمُ عمل المرأة، فقد خرجت ابنتا نبي الله شعيب للعمل، وعملت المرأة المسلمة في صدر الإسلام في أوقات السلم والحرب, كما أنَّ الإسلام لا يجعل رعاية الأطفال مهمة الأم وحدها, بل إن مشاركة الأب هامة، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يداعب حفيديه الحسن والحسين ويلاطفهما ويرعاهما، بل نكاد نقول إنه لا يوجد مصدر للعار أو الخزي أن يشارك الزوج زوجته في بعض الأعمال المنزلية، وخاصةً بعض المهام الشاقة التي لا يستطيع أن يقوم بها فرد واحد، إلّا أن ذلك كله لا يعني أبدًا اختلاط الأدوار. فالطفل سيظل دائمًا في الأسرة في حاجة إلى أم تغذي -إن استطاعت- بالرضاعة الطبيعية التي تفوق قيمتها كل صور التغذية الصناعية، وتحدب عليه وتحضنه وتربيه، بل تتفرغ لهذه المهمة النبيلة لبعض الوقت على الأقل، وعندئذ تكون مسئولية الرعاية المادية للأسرة هي مسئولية الزوج, وفي الشريعة الإسلامية فإن الزوج هو المسئول وحده عن تهيئة المسكن الملائم والطعام والكسوة وغير ذلك من متطلبات الحياة المادية لأسرته, بل إن غنى الزوجة لا يؤثر مطلقًا في حقِّها على زوجها في نفقتها ونفقة أولادها منه, ولو كان أقلَّ منها مالًا، ولا يجب على المرأة أن تنفق على نفسها وعلى أولادها من مالها إلّا إذا شاءت هي.