للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونتناول في هذا القسم سيكولوجية البطالة، ثم نتناول سيكولوجية التقاعد في الباب التالي:

ومن تحصيل الحاصل، أن نقول: إن البطالة ذات أثر خطير، ليس فقط على الفرد، وإنما على المجتمع بأسره، ولم يشعر الناس بأثرها إلّا في المجتمع الصناعي الحديث، سواء أكان هذا الأثر اقتصاديًّا أم سيكولوجيًّا.

ونود أن ننبه -منذ البداية- إلى أن البطالة تحدث في ظروف الرخاء الاقتصادي، كما تحدث في ظروف الشدة الاقتصادية، إلّا أن أثرها -في ظروف العسر- أشد وأقسى؛ ففي دراسة أجريت في الولايات المتحدة أكدت أن البطالة لم تفارق المجتمع الأمريكي طوال القرن العشرين، ولم يقل معدلها -في جميع الأحوال- عن ٥٠% من قوة العمل, ويشمل تعريف البطالة هنا أولئك الذين يتركون العمل لفتراتٍ قصيرةٍ عند تغيير العمل، وأولئك اللذين يجبرون على ترك العمل فترات أطول، بسبب التغيرات الموسمية، وأولئك الذين لا يدخلون سوق العمل أصلًا، بسبب الانكماش الاقتصادي.

وقد تناول علماء النفس ظاهرة البطالة بالدراسة والبحث، واقترحت نماذج نظرية لتفسير سلوك الشخص المتعطل، ومن أهم هذه النماذج نموذج بلم Blum، الذي يقترح أن سلوك البطالة يمر بثلاثة مراحل أساسية، هي:

١- شعور بالصدمة، حتى ولو كان هناك تحذير مبكر بفقدان العمل، أو عدم توافر فرصة, وفي هذه المرحلة، يسترجع المرء متوالية الأحداث التي أدت به إلى البطالة، ويبرر الحكمة في ترك العمل، أو عدم الدخول فيه أساسًا "سوء بيئة العمل، سوء التعليم، إلخ". وسرعان ما يستقر على رأي، أنه يمكنه الاستفادة من إجازة أو راحة، هو في حاجة إليها "بعد فترة عمل أو تعليم طويلة", ويتبع ذلك تقدير لقدراته، وصياغة خطط للسعي نحو الحصول على عمل.

٢- البحث الجدي والنشط عن عمل، وعادةً ما يبدأ معظم المتعطلين في البحث عن عملٍ أفضل من عملهم السابق، أو البحث عن عملٍ مشابهٍ له إذا أعيتهم الحيل واستمرت البطالة, ومع مرور الوقت وضغط الحاجة إلى العمل يبدأون في البحث عن أيّ عمل, وفي هذه الفترة، يعاني المرء من مشاعر الفشل والإحباط والتعاسة، ومع ذلك فإنه لا يفقد الأمل في النجاح.

<<  <   >  >>