اختلافنا مرةً أخرى مع التعريف الذي تقدمه المعاجم لهذا المصطلح, بأن الكهل من كانت سنون عمره بين الثلاثين والخمسين, والأصح في رأينا أن تكون بداية بلوغ الأشد "وهو طور الكهولة أيضًا" في سن الأربعين كما حدده القرآن الكريم, ونهايته مع مطلع الشيخوخة.
ولعل ما يؤيد التطابق بين الأشد والكهولة ما جاء في قول الشاعر سحيم بن وثيل "على الرغم من اختلافنا معه في الحد الأدنى الزمني الذي وضعه":
أخو خمسين مجتمع أشدى ... ونجني مداورة السنين
ويؤيده مرة أخرى قول الطبري في تفسيره للقرآن الكريم, من أن انتهاء الكهولة فيها مجتمع الأشد، أي: قمته وذروته.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد مؤشر واحد يكفي وحده للدلالة على الانتقال من طور الرشد المبكر إلى طور بلوغ الأشد "الرشد الأوسط"، وإنما يوجد عدد من المؤشرات تتسم بأنها فردية وشخصية, وتختلف من شخص إلى آخر, ولعل أهم هذه المؤشرات ما يلاحظه المرء على جسمه من علامات تدل على التقدم في السن, ومنها ما يقع في نطاق الأسرة والعمل من أحداثٍ تنبه الشخص إلى أنه لم يعد "صغيرًا" أو "شابًّا"، كما كان من قبل, ومن ذلك شغل وظيفة "قيادية" في مجال العمل، أو وفاة والديه, فيتحول في لحظة واحدة ليصبح منتميًا إلى "جيل الكبار" في الأسرة، أو حين يصير الأبناء مراهقين أو شبابًا، ففي ذلك علامة مؤكدة على أنه لم يعد صغيرًا؛ لأنه يوجد جيل جديد أصغر منه، وقد يكون الأكثر دلالة على هذا التحوّل النمائي ميلاد حفيد، أي: ظهور الجيل الثالث في الأسرة.