للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العمر, ولهذا لوحظ تداخل كبير بين درجات الأعمار حتى تلك التي يفصل بينها فاصل زمني واسع، فأكثر الأفراد تفوقًا في أكثر المجموعات تقدمًا في السن, كان أداؤه أفضل بكثير من أكثر الأفراد تخلفًا في أصغر المجموعات سنًّا.

هل العمر مؤشر على مستوى القدرة؟ تؤكد النتائج السابقة أن العمر مؤشر غير ملائم على مستوى القدرة، وقد تدعمت هذه النتيجة بالبحث الذي قام به "Milles&Milles, ١٩٣٢" وفيه صنف عينة الراشدين إلى أربع مجموعات في ضوء مقدار التعليم, ابتداءً من مستوى المدرسة الابتدائية حتى مستوى الدراسات العليا. وتأكد أنه على الرغم من أن المجموعات الأربع أظهرت تدهورًا في متوسط الدرجات مع العمر, إلّا أن منحنيات النموّ العقلي لهذه المجموعات كانت مستقلة، فلم يحدث بينها تقابل أو تقاطع، وكانت مجموعة المستوى التعليمي المرتفع أكثر المجموات امتيازًا في الأداء العقلي, كما لوحظ أن الأفراد الذين بلغوا سن السبعين وكانوا من الذين واصلوا تعليمهم لما بعد مستوى البكالوريوس "دراسات عليا", كانت متواسطاتهم في اختبارات الذكاء أعلى من الأشخاص من سن العشرين الذين لم يتعد تعليمهم مستوى المدرسة الابتدائية.

ومن العوامل الأخرى التي تدفعنا إلى الحذر في تفسير النتائج التي تجعل العمر مؤشر القدرة الوحيد, ما نجده في البحوث التي استنتج منها التدهور العقلي بعد عمر معين؛ فالدراسات التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة هي جميعًا من نوع البحوث المستعرضة، وبالتالي فربما تكون قد تأثرت بالتغيرات الثقافية التي أشرنا إليها في فصل سابق, فلا شكَّ أن مقدار التعليم يزداد جيلًا بعد جيل، وبالتالي فإن الجيل الذي بلغ الستين في هذه الدراسات تلقَّى مقدارًا من التعليم أقل من الجيل الذي لا يزال في سن العشرين والذي يقارن به, وعلى هذا فإن بعض التدهور الملاحظ في متوسطات الجيل الأكبر سنًّا قد يرجع إلى قلة التعليم وليس إلى التقدم في السن.

ويدعم هذا الفرض نتائج البحوث التي أجريت حول تقنين مقياس وكسلر بصورتيه الأصلية "وكسلر-بلفيو" والمعدلة في عامي ١٩٤٤، ١٩٥٥ على التوالي, فكلتا العينتين أظهرتا تدهورًا في درجات الذكاء خلال سنوات الرشد يتوازى مع نقصان مستوى التعليم ومقداره في الجماعات العمرية المتتابعة, إلّا أنه لوحظ على عينة التقنين الأكثر حداثة "Wechsler ١٩٥٥" أن التحسن في الأداء العقلي يستمر لفترة أطول, وأن التدهور لا يظهر إلّا في عمرٍ أكثر تأخرًا إذا قورن بأداء عينة تقنين اختبار "وكسلر-بلفيو" الأقدم "Wechsler, ١٩٤٤". وتتفق

<<  <   >  >>