للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجب عليه أن يجد منافذ جديدة لوقت الفراغ تعكس التغيرات التي طرأت على الجسم والميول والقيم والمكانة الاقتصادية وبنية الأسرة.

وأخيرًا فإن ليفنسون "Levinson, ١٩٧٩" يرى أن مرحلة وسط العمر هي وقت بلورة الميول والقيم والالتزامات, فعنده أن الراشدين ابتداءً من مطلع الثلاثينات وحتى حوالي سن الأربعين يبدأون في الاستقرار، وعندئذ تكون هناك التزامات أعمق نحو الأسرة والعمل والأصدقاء وكل من يهم وما يهم الشخص, وعند حوالي سن الأربعين ولمدة حوالي خمس سنوات يمر المرء بمرحلة التحول إلى وسط العمر, وهي فترة تمثّل المعبر بين الرشد المبكر والرشد الأوسط، أو على حَدِّ تعبير ليفنسون بين المستقبل والماضي, فهي وقت مراجعة رصيد الذات, وفيها تعود أسئلة قديمة منذ أيام المراهقة إلى الظهور مثل "من أكون؟ " وإلى أين "المصير؟ " وهكذا، وتكون لها أهميتها مرةً أخرى, عندئذ يبدأ المرء في تقويم إنجازاته الشخصية في ضوء الأهداف السابقة, كما يعيد تنظيم هذه الأهداف في ضوء كلٍّ من الإنجاز الراهن والمتوقع, وتبعًا لما يراه ليفنسون فإن التخطي الناجح لهذه المرحلة الانتقالية في وسط العمر يتطلب العمل وسط التناقضات بين ما هو كائن وما يجب أن يكون, وإذا استطاع الراشد قبول حقائق حياته الجديدة فإنه يظهر مستوًى جديدًا من الاستقرار مع دخوله طور منتصف العمر, كما يظهر صفات يتطلبها هذا الطور مثل: الحكمة والحكم الجيد وحسن التمييز والتقدير والشفقة على الآخرين "وخاصة الصغار" وسعة الأفق, وإذا لم يتوافر ذلك فيه قد يظهر بينه وبين من هم أصغر منه سنًّا ما يُسَمَّى "صراع الأجيال", ومن الطريف أن نذكر هنا أن الراشدين الكبار الذين كانت علاقاتهم طيبة برؤسائهم في سنواتهم المبكرة, يصبحون هم أنفسهم رؤساء ممتازين في هذا الطور, وخاصةً من حيث إرشاد وتوجيه نموّ الصغار, ويصدق هذا أيضًا على العلاقات بالأبناء, وهكذا فإن أزمة "صراع الأجيال" التي تبدأ في الظهور في هذا الطور قد تكون جذورها وبذورها في التنشئة المبكرة للراشدين الكبار أنفسهم.

<<  <   >  >>