مستقلات وقادرات على التفكير, سواء لأنفسهن أم لأسرهن، إلّا أن هذه الحاجة قد تمتد أيضًا عندهن لتتمثل في اعتبار هذا التعليم تدريبًا أوليًّا على عمل جديد؛ فعمل ربة البيت عندهن -مهما كان صعبًا وشاقًّا- لا يعد عملًا بالمعنى الشائع في المجتمعات الموجهة بالعمل الذي يتخذ في جوهره صورة الجهد المدفوع الأجر.
وهذا النوع من النساء -الذي يزداد عدده في الوقت الحاضر في مجتمعاتنا العربية- يشعرن أحيانًا بالسعادة بأي تعليم يسمح لهنّ بالخروج من المنزل، ومعه يبدو ميلٌ متزايد لاختيار فرع التعليم الذي يقود إلى اكتساب بعض المهارات؛ لأن هذا يهيئ لهن ليس فقط هدفًا واضح المعالم يتحداهن، وإنما يعتبر أيضًا خطوة نحو عالم العمل وما يرتبط به من مزيدٍ من احترام الذات.
ثالثًا: الدوافع الاجتماعية: من الأساطير الشائعة حول تربية الراشدين أنهم يسعون إلى التعليم لأسباب اجتماعية في جوهرها, ومن المؤكد أن من السهل إدراك أن المرأة -إلى جانب الدوافع العقلية والمعرفية- للتعلُّم، كما أن كثيرًا من الدارسين الرجال قد تكون لديهم أهداف اجتماعية يسعَوْنَ إلى تحقيقها من خلال هذا التعلُّم، إلّا أن البحوث المسحية التي أُجْرِيَتْ أثبتت أن الدوافع الاجتماعية ليست شائعة الذكر عند المتعلمين الراشدين، ففي مسح المعهد القومي لتربية الراشدين لم يذكرها سوى ١٠% فقط من عينة البحث,
إلّا أن هذا لا يعني أن الدوافع الاجتماعية لا تلعب دورًا في تعليم الراشدين، فبعض هؤلاء يلتحقون في البرامج بحثًا عن الأصدقاء، بل إن بعض هؤلاء يذكرون ذلك صراحةً تخفيفًا من الوحدة بعد فقدان شريك العمر، وفي بعض الأحيان قد يلتحق بالدراسة مجموعة من الأصدقاء أو الجيران لا تتوحد اهتماماتهم وميولهم حول موضوع معين, وإنما لمحض أن يلتقوا, بل إن بعض هؤلاء يسعى للتعليم لأن صديقًا حميمًا لهم قرر هذا بالفعل، بل إن الباحث في هذا الميدان كثيرًا ما يسمع من الدارسين الراشدين أنهم التحقوا بالدراسة لشغل وقت الفراغ, وحين يختارون ما يدرسون -في فصول الخدمة العامة مثلًا- يكون غرضهم من الاختيار غير مادي, ومن ذلك دراسة تنسيق الحدائق، والموسيقى، والأشغال المعدنية والفنون وغيرها.
ومن ناحيةٍ أخرى يجب ألَّا نعتبر هذه الدوافع فئة مستقلة عن الدوافع الأخرى التي أشرنا إليها، فلا يوجد سبب معقول للقول أن الدارسين الراشدين الذين