للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدافع الحقيقي وراء سبب أكثر حيادًا من الناحية الانفعالية، وقد تلعب حينئذ الحيل الاشعورية" كالتبرير" دورها المعروف، وإلّا فكيف يمكن للمرء أن يحكم على الدافع الحقيقي لترك الدراسة حين يقول الدارس مثلًا "سأعود إلى عملي قانعًا بما حصلت":

١- فهل الدارس يخفي عن نفسه حقيقة أن البرنامج كان صعبًا عليه؟

٢- هل هو يحاول حفظ ماء وجه المعلِّمِ بإعطاء سبب خارجيٍّ بدلًا من إيذاء شخص يحترمه؟

٣- هل هو يتجنب عدم موافقة زملائه من الدارسين, وخاصةً حين يعلم أن انسحابه من الدراسة قد يؤدي إلى وقف البرنامج بسبب نقص عدد المسجلين فيه؟

٤- أم هو السبب البسيط الذي ذكره بالفعل؟

قد يكون بعض هذا أو كله هو السبب الحقيقي لترك الدراسة، وما يذكره الدارس على أنه السبب الرئيسي قد لا يكون سوى مركب من مشاعر عديدة؛ من الأحباط والفشل وعدم الرضا عن الدارسة.

وتوجد مشكلة أخرى تثيرها بحوث دوافع ومثبطات التعلُّمِ عند الراشدين, وهي أن الراشدين قد يميلون إلى إعطاء الإجابات التي يتوقعها الفاحصون "عند استخدام طريقة المقابلة" أو التي لها مرغوبية اجتماعية "عند استخدام وسائل التقرير الذاتي", وبصفة عامة فإن من الأفضل أن يكون الفاصحون مستقلين عن برنامج تعلم الراشدين ذاته، ونضرب مثلًا على ذلك بدراسة نيوسن وزوجته التي أجرياها عام ١٩٦٣, حول أنماط رعاية الطفل, وفيها اختلفت نسبة الأمهات اللاتي أجبن على أسئلة المقابلة, حين كانت الفاحصات زائرات صحيّات يعملن في برنامج رعاية الطفل من ناحية، ثم طالبات جامعيات محايدات, وعلى آية حالٍ, فإن موضوع التسرُّبِ لا يزال في حاجةٍ إلى بحوث أكثر جدية مما تَمَّ حتى الآن، وحبذا لو أمكن الكشف عن مركب العوامل التي تؤدي إليه والذي يشمل الظروف الخارجية "في البيت أو العمل" وعدم الرضا الشخصي، والفشل في العلاقة بين المعلِّمِ والدارسين، وجوانب التوتر التي تستثار في الجماعة، وظروف الدارسة العامة، وهي تحدد جميعًا معظم مثبطات التعلُّمِ عند الراشدين, وبالتالي تسربهم.

ولعل ذلك كله يفيد في التوصُّلِ إلى ما يسميه "Boshir, ١٩٨٥" حسن المطابقة بين خصائص المتعلمين الراشدين وبيئة تعلمهم، أو بين السمات والمعالجات، ولعلنا نتوصل إلى تحديد الظروف التي تدفع بعض هؤلاء المتعلمين إلى الاستمرار في التعلم والمثابرة عليها، أو التوقف عنه والتسرب منه.

<<  <   >  >>