للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [السجدة: ٩] .

وتحديد بدء هذه المرحلة له أهمية خاصة، فمتى نفخت الروح حرم الإجهاض حرمة تامة كما أجمع الفقهاء, وتمتد هذه المرحلة حتى الولادة.

ويمكن أن تسمى مرحلة التسوية، أي: إعطاء الشكل الإنساني للجنين، بعد أن كانت الأطوار السابقة من طور النفطة إلى العلقة إلى المضغة إلى العظام إلى الرحم في أطوار "خلق" و"تجميع" و"تعديل في أعضاء الجنين" "عدنان الشريف، ١٩٨٧-١٩٨٨".

وهذه المرحلة هي التي يتميز بها المخلوق البشري عن غيره من المخلوقات؛ فقبلها لا يستطيع علم الأجنة أن يميز بين الجنين وغيره من أجنة الفقاريت الأخرى، كما وجد علم الأجنة المقارن؛ أما عندها فيأخذ الجنين عند الإنسان شكله الإنساني الذي يتميز به عن غيره من الأجنة, ولعل هذا التشابه في الشكل الخارجي بين جنين الإنسان وجنين غيره من الثدييات في مراحل ما قبل التسوية, هو الذي أوقع تشارلز دارووين في خطأه العلمي الفادح في افتراض أن الإنسان "تطور" عن الفقاريات الأخرى, وهو الفرض الذي دحضته العلوم البيولوجية والإنسانية الحديثة, ولعل أكثر هذه الأدلة أهمية ما يطرأ على الجنين الإنسان من تحول كيفي جوهري في مرحلة التسوية، وفي هذا كله إعجاز علمي جديد لكتاب الله الخالد, وصدق الله العظيم في قوله:

{ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤] .

والتي تعني أيضًا -والله أعلم: أنه خلق مختلف عن جميع المخلوقات الأخرى.

٣- آيات الله في نمو الإنسان بعد الولادة:

يذكر القرآن الكريم المراحل التي يمر بها نمو الإنسان بعد الولادة, والملاحظة التي تدهش الباحث العلمي بإعجازها البديع, أن القرآن الكريم لا يفصل بين مرحلتي ما قبل الولادة وما بعدها، وإنما يربط بين المرحلتين برباط وثيق، يوضحه قوله -سبحانه وتعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] .

<<  <   >  >>