للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعمر, وليس كيفيًّا في ضوء نوعية الحياة التي عاشها. وفي حدود هذا التمييز الجوهري يجب علينا دائمًا أن نعيد قراءة التراث النفسي والاجتماعي للبحوث التي أجريت حول هذا الموضوع الهام, فليس كلُّ من طال عمره كميًّا عاش حياة خصيبة مجدية بالفعل.

وقد تكون الصعوبات السابقة وراء عدم وجود نظرية نفسية اجتماعية متكاملة للشيخوخة حتى الآن, وبالطبع فإن المهام الرئيسية لمثل هذه النظرية، مثلها في ذلك مثل النظرية البيولوجية هي:

١- تحديد درجة وطبيعة العوامل النفسية الاجتماعية التي ترتبط بالتغيرات التي تحدث خلال سنوات الرشد الإنساني, وتقود الإنسان إلى شيخوخته.

٢- تحديد مقدار نجاح أو فشل القوى المسئولة عن هذه التغيرات في مراحل العمر المختلفة من دورة حياة الإنسان, وأثر ذلك على المستوى التوافقي للفرد, وبخاصةٍ في شيخوخته.

٣- تحديد المدى الذي يحدثه إنجاز بعض المهام الخاصة بمرحلة عمرية معينة -كالشيخوخة- في تعويض الإحباط الناجم عن الفشل في إحراز مهام أخرى.

وقد اقتُرِحَتْ نماذج نفسية اجتماعية عديدة لمحاولة تحقيق هذه المهام في مرحلة الشيخوخة, وتفاوتت في درجات نجاحها، ولعل أهمها نموذجان؛ هما: نموذج التحرر من الالتزامات disengagimint, ونموذج النشاط Activity, وهما النموذجان اللذان نعرضهما فيما يلي، أما النماذج الأخرى الأكثر عمومية مثل نموذج إريكسون ولوينثال, فسوف نتناول ما يتصل بالشيخوخة فيهما في الفصول التالية.

١- نموذج التحرر من الالتزامات:

ظهر هذا النموذج لأول مرة عام ١٩٦١, على يد كامنج وهنري "Cummint & Henry, ١٩٦١" كمشروعٍ طموحٍ تعرَّضَ بعد ذلك لكثير من الخلاف والتعديل, وقد حقَّقَ وظيفة النظرية الجيدة في أنه استثار الكثير من البحوث, وفي هذا النموذج يتم التركيز على السلوك الانسحابي من التفاعل الاجتماعي الذي يحدث في مرحلة الشيخوخة باعتباره عملية طبيعية وعامة وحتمية؛ فمع التقدم في السن يبدأ الجسم أولًا عملية التحرر من الالتزام؛ فالعينان والأذنان وغيرهما من أعضاء الحس تصبح أقل قدرة على التعامل مع معلومات العالم الخارجي، وفي نفس الوقت يبدأ المجتمع في البعد عن الشخص المسن, وعلى ذلك فعملية التحرر من اللالتزمات هي عملية انسحاب طبيعي.

<<  <   >  >>