للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرةً أخرى إلى الخلل الذي يتعرض له السرير التحتاني "الهيبوثالاموس" في المخ.

ومن أكثر التغيرات حدوثًا ما يطرأ على الجهاز الهضمي؛ فصعوبات الأكل تنشأ جزئيًّا من فقدان الأسنان, وحتى أولئك الذين لم يفقدوا أسنانهم فإنهم يعانون من صعوبات المضغ، فإذا أضفنا إلى ذلك التدهور في حاستي الشم والذوق مع التقدم في السن، يؤدي ذلك إلى عدم الإحساس بطعم الأكل ولو كان جيد الطهي. إلّا أن الأخطر من ذلك ما يشعر به المسنون من مشكلات تتصل بالهضم, ومنشأ ذلك التغيرات التي تحدث في أعضاء الجهاز الهضمي, وخاصة المعدة والأمعاء، ونقص إفراز العصارات التي تساعد على الهضم.

وكقاعدة عامَّةٍ, فإن المسنين يأكلون كميات أقل من الطعام بالمقارنة بالمراحل السابقة, إلّا أنهم يأكلون هذه الكميات القليلة على فتراتٍ أكثر, ولا يستطيع المسنون الاستمرار في الجوع لفترة طويلة؛ لأن كمية السكر في الدم تقل عن الحَدِّ المعقول بسرعة كبيرة.

ومن التغيرات الأخرى التي تحدث مع الشيخوخة ضمور الغدد الصماء ونقص إفرازاتها، كما أن كمية الهورمونات التي تفرزها هذه الغدد لا تصل بكفاءة إلى الأعضاء، ويؤدي ذلك بدوره إلى خلل في وظائفها, ومن ذلك نقص إفراز الجلوكوز، ويفقد الجسم قدرته على الحفاظ على توازن ملائم في مقدار السوائل فيه, كما أن جهاز المناعة في الجسم يفقد جزئيًّا كفاءته بسبب سوء عمل الأجهزة العادية للتغذية الراجعة, بل إن جهاز المناعة قد يتحول -كما أوضحنا في الفصل السابق- ليعمل ضد الجسم نفسه من خلال استجابات المناعة المستقلة، ولهذا نلاحظ أن عدد الخلايا الخاطئة يزداد في هذا السن, والمحصلة النهائية للتغيرات في جهاز الغدد الصماء ونظام المناعة, أن المسنين يظهرون نقصًا متزايدًا في القدرة على المواءمة مع الضغوط التي يتعرضون لها من بيئتهم الداخلية "أي: داخل الجسم" أو الخارجية "مثل العدوي والتغير في درجة الحرارة والضغوط النفسية الاجتماعية".

ويرتبط بجهاز الغدد الصماء نشاط الجهاز التناسلي، ولهذا فإن التغير في نمط إفراز الهورمونات الجنسية يرتبط أيضًا بالتغيرات الفسيولوجية المصاحبة للتقدم في السن, وقد أشرنا إلى بعض هذه التغيرات عند تناول طور بلوغ الرشد، كما بينا الفروق بين الجنسين, وبالطبع فإن من المتوقع زيادة النقص في الإفراز الهرموني مع الشيخوخة, إلّا أن البحوث الحديثة تؤكد أن النقص في إفراز

<<  <   >  >>