للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجالات الصناعية والمهنية حيث تكون الأخطاء خطيرة ومكلفة يعتمد مشغلو الآلات اعتمادًا كبيرًا على تعليمات شكلية مكتوبة.

وتؤكد التجارب التي أجراها ولفورد أن المسنين لا يستفيدون كثيرًا من التعليمات المكتوبة لأنها تضيف تعقيدات إلى الأعمال الصعبة, وهذه التعليمات أكثر جدوى حين يكون الفرد على درجة ملائمة من الكفاءة، فتفيد في زيادة سرعة أدائه وإنقاص المخاطرة بالخطأ، إلّا أنها ليست بديلًا عن المهارة العملية ذاتها, وهكذا فإن سبب عدم استفادة المتقدمين في السنِّ من التعليمات الصريحة ليس في أن هذه التعليمات غير مفيدة، ولكن لأنها سابقة للأوان؛ فالمسنون يفضلون تعلُّم المهارة على طريقتهم وبسرعتهم الخاصة، حتى أنه في المراحل المبكرة للتعلُّم نجد أن الأساليب الروتينية "التي يمكن أن يحصِّلُوها مع الوقت" لا تكون ملائمة دائمًا لهم, وحيث إن معينات الذاكرة عادةً ما تكون مفيدة في الأداء الماهر, فلا بُدَّ من تدريب الأفراد المسنين على استخدامها، وخاصةً حين يكون هناك الكثير مما يجب تذكره، وحين يكون ترتيب سلسلة الأفعال هامًّا، وحين يكون الوقوع في الخطأ خطيرًا.

ويصف ولفورد تجربة يطلب فيها من المفحوصين أن يقذفوا بحلقات قصيرة من سلسلة وتصويبها إلى صندوق يقع على مسافة بعيدة نسبيًّا, وفيها وجد أنه لا تُوجَد فروق عمرية في الأداء, بشرط أن تكون العلاقة بين العرض الإدراكي والاستجابة مباشرة، إلّا أنه حين تكون هذه العلاقة غير مباشرة, وذلك عن طريق إخفاء الهدف بشاشة, وإجبار المفحوص على رؤيته في مرآة، لُوحِظ أن الأشخاص الأكبر سنًّا يكونون أقل دقة وأكثر بطأً في التصويب.

وإذاكان على المفحوص "ترجمة" الموقف, فإن أيّ تعقيدٍ يطرأ عليه يؤدي إلى مزيدٍ من البطء, ويزيد أيضًا من احتمال الخطأ, ويصدق هذا على الراشدين الصغار أيضًا، إلّا أنه أكثر وضوحًا عند المسنين, فإذا تعارضت عملية الترجمة مع قواعد العمل المحددة تحديدًا مسبقًا, فإن صعوبات جديدة سوف تنشأ, ويُسَمَّى هذا أحيانًا بالانتقال السالب لأثر التدريب, فليس من المستغرب أن نلاحظ بعض التصلُّب والجمود في النشاط الحركي للراشدين الأكبر سنًّا الذين يعملون في مثل هذه الظروف، ولهذا يكون من الصعب عليهم التخلي عن طريقة خاطئة والتحول إلى طريقة صحيحة للعمل, ومن الشائع أيضًا أن نجد أن الراشدين الكبار لا يرغبون في أغلب الأحوال في استبعاد طرق قليلة الكفاية يمارسونها ممارسةً متكررةً, وإحلال طرق جديدة أكثر فعالية محلها.

<<  <   >  >>