أو أولئك الذين يجدون في حياتهم في بيئة جديدة فرصًا أفضل للاستقرار الاقتصادي "ومن ذلك مثال العاملين الذين استقروا في الدول العربية البترولية الذي أشرنا إليه".
وتلعب ظروف العمل دورًا هامًّا في قرار التقاعد المبكر في بعض المهن.
ففي دراسةٍ قام بها "١٩٧٨ quinn" وجد أن الظروف المادية السيئة للعمل؛ مثل: الضجيج والروائح الكريهة ودرجات الحرارة المتطرفة, بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل: عدم وجود فرص للمشاركة في اتخاذ القرارات والإجهاد الجسمي والنفسي المصاحب للعمل، ترتبط كلها بقرارات التقاعد, إلّا أن ما يلفت النظر أن ظروف العمل وجدت أكثر ارتباطًا بالتقاعد وقت سن المعاش أكثر من ارتباطها بالتقاعد المبكر, أما عدم الرضا عن العمل تحتل مكانه هامة لديه, ومعنى ذلك أن العوامل "النفسية" تفوق في أثرها "الطارد" من العمل العوامل المادية, ولعل مما يدعو للتأمل أن هذه الظروف النفسية أشد وطأة وأكبر تأثيرًا في الشخص حين يكون شغوفًا بعمله محبًّا له. إنه يتقاعد مبكرًا -كارهًا بالطبع- تاركًا عمله الذي يحبه يسبب ظروف غير عادية منفرة صنعتها قوى مدمرة فيه، قد تكون إدراة سيئة للمصنع أو المؤسسة.
ويؤثر في استمرار الشخص في عمله إلى بلوغ سن المعاش وربما بعده -إذا سمحت نظم العمل بذلك- عوامل هامة, على رأسها المستوى التعليمي للشخص, ثم طبيعة المهنة, والاعتبارات المالية أيضًا، فقد تأكَّد أن الراشدين من المستويات التعليمية العليا, والذين يحظون بمكانة عالية في مهنتهم, يميلون إلى الاستمرار فيها حتى ولو بعد المعاش, ومن ذلك مثلًا: أن معظم المهن الجامعية في مختلف البلدان تسمح لأصحابها بالاستمرار فيها لسنوات طويلة حتى بعد التقاعد الرسمي "نظام الأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين"، ويصدق ذلك على العاملين في سلك القضاء, كما يصدق أيضًا على ذوي الكفاءات الرفيعة في أي مجال١. كما تؤكِّدُ البحوث أيضًا أن الأشخاص من ذوي المستوى الاقتصادي الاجتماعي المرتفع تتوافر لهم فرص أكثر للعمل ودوافع للاستمرار فيه, وبالطبع فإن
١ أثيرت في الصحف المصرية خلال الفترة الأخيرة "١٩٩٧-١٩٩٨" مسألة العاملين الذين يبقون في وظائفهم القيادية بعد سن المعاش، والذين يعملون تحت مُسَمَّى "مستشارين", ويبلغ عددهم بضعة آلاف, وقد نبه إلى الحاجة إلى ترشيد هذه الممارسة وزير التنمية الإدراية ورئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.