إن الصورة النمطية للحياة الزوجية للزوجين المسنين أنها بصفة عامة "كئيبة"؛ فمعظم الناس يدركونها غير سعداء ومنعزلين ووحيدين ومرفوضين من أحبائهم -وخاصة الأبناء والأقارب, وعلى الرغم من أن هذا صحيح إلى حَدٍّ ما لدى بعض الناس، إلّا أنه الاستثناء وليس القاعدة؛ فمعظم البحوث توحي بأن نوعية الحياة الزوجية في الشيخوخة جيدة على وجه العموم, وحينما يصل إليها الزوجان معًا يكونان سعيدى الحظ, وفي إحدى الدراسات الهامة وصف معظم المسنين هذه المرحلة على أنها أسعد مراحل زواجهم Stinnett, ١٩٧٢".
ما هي العوامل التي تحدد الحب والرضا الزواجي في مرحلة الشيخوخة؟ وهل هي نفس العوامل التي تلعب دورها في مراحل العمر الأسبق؟ يجيب على هذه الأسئلة وغيرها ريدى وزملاؤه "Ready, et al., ١٩٨١" الذين قارنوا بين عيناتٍ من الراشدين من مختلف مراحل الرشد "المبكر، الأوسط، المتأخر". لقد سأل الباحثون مفحوصيهم تقدير مدى دقة عبارات معينة في وصف علاقة المحبة الراهنة بينهم كأزواج, وبينت النتائج أن المسنين قدروا العبارات الدالة على الأمن الانفعالي العاطفي والولاء على أنها أكثر ما يميز علاقة الحب عندهم, ويعلق الباحثون على هذه النتائج بأن علاقة الحب بين الزوجين تصبح مع مرور الزمن أقل اعتمادًا على محض الصحبة والتواصل وأكثر اعتمادًا على تاريخ العلاقة والتقاليد والالتزام والولاء, وذلك على عكس من هم أصغر سنًّا, وبصرف النظر عن هذه الفروق بين الأجيال, فقد أوضحت الدراسة وجود تشابه كبير بين هذه الأجيال الثلاثة حول ما يعتبره الزوجان إيجابيًّا داخل علاقة الحب, فكلهم قدَّروا الأمن الانفعالي الوجداني على أنه الأكثر أهمية, يليه الاحترام والتواصل وسلوك المساعدة والمعاونة والعلاقات الجنسية والولاء على التوالي, ويعلق الباحثون على ذلك بقولهم: "إن الحب أوسع نطاقًا من الجنس، وفي أيِّ عمرٍ يوجد دائمًا ما هو أكثر أهمية منه في علاقة الحب بين الزوجين, وخاصةً الأمن الانفعالي العاطفي الذي يعني مشاعر الاهتمام والرعاية والثقة والراحة, واعتماد كلٍّ من الزوجين على الآخر".
وتوافق المسنين زواجيًّا هو بالطبع خلاصة سنوات عديدة من العيش معًا, ومعرفة كلٍّ منهما بالآخر معرفةً وثيقة, فبعد حوالي أربعين عامًا من الزواج -في المتوسط- يكون كلٌّ منهما تعلم أن يتجاهل المضايقات الصغيرة التي تصدر عن رفيقه، ويقبل منه ما استعصى على التعديل والتغيير من سلوكه. ويعين ذلك