نبدأ بتحديد مهام النمو في هذه المرحلة, يرى إريكسون أن المرء في مرحلة الشيخوخة يمر بآخر أزمات نموِّه, وهي التي يسميها أزمة تكامل الأنا "الذات", في مقابل اليأس والقنوط "Erikson, ١٩٦٣", والتكامل هنا هو تكامل انفعالي، وتجاوز لحدود الذات من خلال تقبل الفرد لحياته, ويظهر اليأس في صورة الشعور بأن الوقت صار قصيرًا جدًّا وأنه لا توجد فرصة للبحث عن طريق ٍبديل لحياة مقبولة, وكما هو الحال في المراحل السابقة يوجد في هذه المرحلة صراع داخلي, فحتّى الشخص الذي يقبل على شيخوخته بدرجة كبيرة من التكامل يشعر باليأس عند التفكير اللحظي في الموت, وكما هو الحال في المراحل النفسية الاجتماعية السابقة في نظرية إريكسون, فإن الطابع الغالب على المرحلة هو الأهم؛ فالمسن الذي يحقق لنفسه قدرًا ملائمًا من التكامل يفوق اليأس في سنوات شيخوخته تتغلب إرادة الحياة عنده على قلق الموت.
ويرتبط بمهمة تنمية تكامل الأنا عملية تُسَمَّى مراجعة الحياة life review, فمع وصول المسن إلى هذه المرحلة المتأخرة من حياته يعيد تنظيم ذكرياته، ويعيد تفسير أفعاله وقراراته التي شكلت مسار حياته في الماضي, ومن الوجهة المثالية فإن مراجعة الحياة خبرة موجبة تؤدي إلى إحداث التكامل في الشخصية؛ فبالنسبة للبعض تقود هذه العملية إلى اندماجٍ أقلٍّ للذات مع الموقف الخاص بالفرد، وإلى اهتمام أكبر بالعالم بوجه عام, وبالنسبة لآخرين يؤدي ذلك إلى الشعور بالحنين للماضي nostalgia أو الشعور بالأسف على العمر الجميل الذي فات, وعند فريق ثالث قد تولِّد هذه العملية مشاعر القلق والشعور بالذنب والاكتئاب واليأس، فبدلًا من أن يفكر الشخص في حياته كلها، يشعر بأنه خُدِعَ وأن حياته تسربت منه دون أن يستثمرها كما يجب, وغالبًا ما يستطيب المسنون مشاركة الآخرين لهم في أفكارهم عند قيامهم بعملية مراجعة حياتهم، وخاصةً الأقارب والأصدقاء، وعلى وجه أخصّ الأحفاد, فمع جلوس الجد البالغ من العمر سبعين عامًا مع حفيده المراهق في النادي يذكُر له شعوره بخيبة الأمل حين عمل بالوظيفة الحكومية مثلًا, وفي نفس الوقت يذكر شعوره بالاعتزاز لنجاح أولاده وأحفاده.
ويرى Peck "في Neugatren, ١٩٦٨" أن النموَّ النفسي المستمر في سنوات الشيخوخة يتمركز على نواتج ثلاث مهامٍّ رئيسية كبرى هي:
١- التقاعد المهني: وعلى هذا, فيجب على المسن أن يكون قادرًا على إيجاد رضًا شخصيّ وقيمة للذات في المراحل السابقة.