ليعني أن الاجتهاد كان له زمن معين انتهى بانتهائه, وإنما معناه وقف التدهور مؤقتًا، لما لحق الهمم من القصور عن تحصيل ما يجب على المجتهد تحصيله.
ويجيب على هذا السؤال أيضًا بعض المحدثين "محمد عبد القادر أبو فارس وآخرون، ١٩٨٥" بأن باب الاجتهاد مفتوح لكل من يملك آلته, ولا يملك إنسان أن يسده، ذلك لأنه يجد للناس من الحوادث والنوازل ما لم يفت به الفقهاء المجتهدون، وهي بحاجة إلى معرفة الحكم الشرعي فيه ليلتزم الناس به, ولا يكون هذا إلّا إذا كان باب الاجتهاد مفتوحًا".
وقد قدَّم فقهاء المسلمين الكثير في ميدان النمو الإنساني، ولا يكاد يخلو باب من أبواب الفقه الإسلامي من الإشارة إلى نمو الإنسان على نحوٍ أو آخر.
وسوف يتناول هذا القسم بعض ما توافر لنا في هذا الصدد.
١- في مرحلة ما قبل الولادة:
أجمع الفقهاء على تحريم الإجهاض حرمة تامة متى نفخت الروح, حتى ولو كان الجنين مشوهًا أو غير ذلك، ولم يسمحوا بذلك إلّا إذا كانت الأم في خطر، فقدَّموا حياتها على حياته, أما ما عدا ذلك فلا يجوز الإجهاض على وجه الإطلاق بعد نفخ الروح, وقد أجمعوا أيضًا على أن وقت نفخ الروح يتم عند إكمال الجنين ١٢٠يومًا من حياته داخل الرحم, لحديث ابن مسعود الذي أخرجه الشيخان.
ويذكر وهبة الزحيلي "١٩٨٤" أن للعلماء كلام طويل في التوفيق بين هذا الحديث وحديث حذيفة بن أسيد الذي أخرجه مسلم في كتاب القدر "حديث الاثنتين والأربعين ليلة"، وخلاصة رأيهم أن التخليق يحصل في العلقة، ويتم بعد ذلك في المضغة، وأما نفخ الروح والتسوية فلا يكون إلّا بعد اكتمال المضغة.
ويتصل بهذه المرحلة أيضًا تناول الفقهاء لموضوع عدة المرأة المطلقة والأرملة, والمقصود بها مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها منعًا لاختلاط الأنساب، أو للتعبد, أو لتفجعها على زوجها الميت، أو إعطاء الفرصة الكافية للزوج بعد الطلاق ليعود إلى زوجته المطلقة, وهي مدة حددها الشارع بحيث تبقى المرأة فيها بدون زواج, ويميز الفقهاء في هذا الصدد بين ثلاثة أنواع:
أ- عدة الطلاق: يقول الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] . ومعنى القروء "وهي جمع قرء" ما يشترك بين الطهر والحيض، والمقصود بذلك عند الحنفية والحنابلة الحيض،