ويزداد في هذه المرحلة اهتمام المسن بذاته, وخاصة حول ما يشعر به ويريده مع تقدمه في السن, ويتحول كما قلنا من قبل إلى التمركز حول الذات -وهو مرة أخرى سلوك طفولي- بحيث يفكر في نفسه على نحوٍ أناني أكثر مما يفكر في الآخرين، كما يصبح أقل قدرة على إدراك الآخر, وتشغله في تمركزه حول ذاته صحته الجسمية "حتى ولو كان سليم البدن"، كما تدور أحاديثه حول نفسه وخاصة حول ماضيه وذكرياته, ولعل هذا الاهتمام المبالغ فيه بالذات أحد مصادر الاتجاهات الاجتماعية السالبة نحو المسنين, وقد نبه القرآن الكريم إلى ذلك, ودعا إلى تسامح الصغار مع المسنين في قوله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء: ٢٣،٢٤] .
ومع التقدم في السن يتناقص الاهتمام بالمظهر, ومن الطريف أن الفروق بين الجنسين في هذا الجانب هي عكس اتجاهها في مراحل الشباب والرشد؛ فهو أكثر حدوثًا في هذه المرحلة بين الرجال أكثر من النساء, ومن ناحيةٍ أخرى يزداد الاهتمام بالمال الذي تكون عادةً قد خفَّت حدته في مراحل الرشد, ولعل السبب في ذلك قلق المسن على مستقبله الاقتصاديّ نتيجة نقص موارده بالتقاعد.
أما عن الميول الترويحية في الشيخوخة فعادةً ما تكون شبيهةً بما كانت عليه في مرحلة وسط العمر، ولا يطرأ عليها تغيير يذكر إلّا في حالات الضرورة, ومن النادر أن ينمي المسن ميولًا ترويحية جديدة, إلا أنه قد يخصص وقتًا لم يكن متاحًا له من قبل لنشاط كان يحبه في شبابه, ومع توافر الوقت في مرحلة الشيخوخة يصبح من الممكن له أن يمارسه.
وأكثر الهوايات شيوعًا لدى المسنين القراءة وكتابة الخطابات والاستماع إلى الراديو ومشاهدة التليفزيون والأعمال المنزلية والأشغال اليدوية، وزيارة الأقارب، والسفر، والمشاركة في الأنشطة الدينية والسياسية والمحلية, وما يحدد مشاركة الفرد في بعض هذه الأنشطة يتوقف على عوامل كثيرة؛ منها: الصحة الجسمية والظروف الاقتصادية ومستوى التعليم والجنس.