تقوم بوظائف عديدة؛ مثل المشاركة الوجدانية والتقبل والدعم الوجداني أثناء الأزمات، والثقة والاحترام المتبادلين, بالإضافة إلى ما يقدمه الأصدقاء من مساعدة ونصيحة وخدمات, وما يهيئونه من فرص لاستشارتهم وتقديمهم المعلومات والخبرة, وفي رأينا أن هذه جميعًا تزداد الحاجة إليها مع التقدم في السن, ولعل ذلك يفسر لنا لماذا يختار المسنون أصدقائهم من أقرانهم في العمر، كما يفسِّر لنا لماذا يكون رضا المسنين عن حياتهم أكثر ارتباطًا بالتفاعل مع الأصدقاء منه بالتفاعل مع الأقارب.
إلّا أن المشكلة الحقيقية هي أن المسنين يعانون بالفعل من تحديد نطاق عالمهم الاجتماعي تدريجيًّا مع التقدم في السن؛ فتقل علاقاتهم الاجتماعية بسبب فقدان زملاء العمل، وموت الأقارب والأصدقاء, ورفيق "أو رفيقة" العمر, كما يحد من مشاركتهم الاجتماعية ضعف الصحة والأحوال المالية والاتجاهات الاجتماعية غير الملائمة نحوهم, وتوجد ثلاثة أنواع من العلاقات الاجتماعية تتأثر خاصةً في الشيخوخة, هي العلاقات الشخصية الحميمة "بالزوج أو الزوجة، الأخوة والأخوات وصداقات الطفولة والشباب الحميمة"، وشِلَلِ الأصدقاء، والجماعات المنظمة "كالأندية", وحالما تتعرض هذه العلاقات للانهيار يستحيل تعويضها خلال هذه المرحلة.
ومن الملاحظ أن المرأة تحتفظ بصداقاتها وعلاقاتها الاجتماعية فترةً أطول من الرجل, ويرجع السبب في ذلك إلى أن صديقات المرأة هن في العادة من جيرانها، أما أصدقاء الرجل فهم في الأغلب من زملاء العمل الذين يعيشون في أماكن متفرقة، والذين لا يربطهم اهتمام مشترك بعد التقاعد.
إلّا أن على وجه العموم يمكن القول أنه مع اهتمام المسن بذاته يتناقص اهتمامه بالنشاط الاجتماعي, وتضيق دائرة علاقاته الاجتماعية تدريجيًّا، فيفقد الاهتمام أولًا بمعارفه ثم أصدقائه، وتقتصر ميوله الاجتماعية على أسرته المباشرة, وتمتد هذه الميول إلى مختلف الأجيال في هذه الأسرة, وقد يتركز هذا الاهتمام على الصغار، أي: الأحفاد, ولعل من الملاحظات المألوفة أن نجد الجد والحفيد يقضيان معًا وقتًا أطول مما يقضيه كلٌّ منهما مع باقي أفراد الأسرة.
السلوك السياسي: تظهر لنا خبرة الحياة اليومية أن الشباب أكثر تحررًا في اتجاهاتهم السياسية، ومع مرور الزمن وتحوّل الإنسان إلى الرشد ثم الشيخوخة, تتغير هذه الاتجاهات إلى القطب المضاد، أي: المحافظة, إما لأن الخبرة والحكمة