للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو الوصي عليه "كالأب أو الجد" لأنها تلزمه وهو ليس أهلًا للالتزام, وخلاصة رأي الفقهاء في مرحلة الجنين أن له "ذمة ناقصة تؤهله لاكتساب بعض الحقوق فقط، وليست له ذمة كاملة صالحة لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات" "وهبة الزحيلي، ١٩٨٤".

٢- في مراحل ما بعد الولادة:

منذ ولادة الشخص حيًّا تثبت له -كما يقول الفقهاء- أهلية الوجوب الكاملة، أي: تصبح لديه الصلاحية لثبوت الحقوق له وتحمل الواجبات، أي: أهلية إلزام والتزام جميعًا, وأهلية الوجوب الكاملة هذه لا تفارق الإنسان مطلقًا في جميع أدوار حياته, ولا يوجد إنسان حيّ فاقد لهذه الأهلية.

إلّا أن الفقهاء يميزون بين التصرفات الواجبة قبل سن التمييز وتلك الواجبة بعده, ومن ذلك أن أهلية الوجوب ولو كانت كاملة إلّا أنها ليس لها أثر في بعض التصرفات قبل هذا السن "مثل إنشاء العقود", كما لا يجب على الطفل غير المميز شيء من العبادات الدينية, أما الحقوق الثابت له بعد الولادة فهي التي تنشأ له نتيجة التصرف الذي يمكن للولي أو الوصي أن يمارسه نيابة عنه، وأما الالتزامات الواجبة عليه فهي كل ما يستطيع أداؤه عنه من ماله؛ سواء من حقوق الله؛ كالزكاة, أو حقوق العباد؛ كالنفقات, ويطلق الفقهاء على المرحلة منذ الولادة وحتى سن التمييز اسم "الحضانة".

ومع التمييز تنشأ ما يسميه الفقهاء أهلية الأداء، وهي صلاحية الشخص لصدور التصرفات عنه أو لمباشرتها على وجه يُعْتَدُّ به شرعًا, وهي ترادف ما يسمى في المصطلح الحديث "المسئولية", وتشمل حقوق الله من صلاة وصوم وحج وسواها، والتصرفات القولية والفعلية الصادرة عن الشخص. وعلى هذا فمن تثبت له أهلية الأداء، بهذا المعنى، صحت عباداته الدينية؛ كالصلاة وتصرفاته الدينية؛ كالعقود, وبالطبع لا وجود لهذه الأهلية للجنين أصلًا، ولا للطفل قبل بلوغ سن التمييز، كما قلنا.

ويفرق الفقهاء بين نوعين من أهلية الأداء:

١- أهلية أداء ناقصة: وهي صلاحية الشخص لصدور بعض التصرفات عنه دون البعض الآخر, وتثبت للشخص مع بدء التمييز وحتى سن البلوغ الجنسي, ويفرق بالنسبة للصبي في هذا السن بين حقوق الله وحقوق العباد.

أما حقوق الله "العبادات" فتصح من الصبي المميز ولا يكون ملزمًا

<<  <   >  >>