كله بالمسن إلى أن يصبح أكثر إزعاجًا, ناهيك عن النزعة للتكرار المستمر للحديث الواحد عدة مرات, وهذا كله يزيد من بعده عن الآخرين، وهنا تبدأ الحلقة المفرغة؛ حيث تزيد حاجته للآخرين، ويزداد رفضهم له، ويؤدي ذلك كله إلى تدهور جديد في تقدير الذات.
وكثيرًا ما ينشغل المسن في أرذل العمر بجسده، فتكثر أحاديثه عن الأمراض والعمليات الجراحية والدواء, ويختبر أعضاء جسمه كثيرًا، فيحرك ساقيه ويديه كثيرًا في حركات تكرارية نمطية، كما قد ينشغل بعضهم بأعضائهم التناسلية, بل إن بعضهم يحاول التخفيف من القلق الناجم عَمَّا يحدث لوظائف الجسم وأعضائه بتكرار هذه التغيرات, ويؤدي ذلك إلى عزلتهم, ناهيك عن قلقهم وتوترهم ذاته.
ومن هذا العرض للتغيرات الجوهرية في طور أرذل العمر يتضح لنا أن للمسن في هذا الطور طرقه التوافقية "التي لا تُعَدُّ بالطبع طرقًا سوية" مع التدهور الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي, ومع ذلك تظل في حدود التعامل المعتاد إذا استطاع بها المسن أن يتحكم في القلق والخوف والاكتئاب التي تنشأ عن هذه الألوان المختلفة من التدهور, فإذا استمر القلق, أو حدث خلل عضوي, فقد ينتج عن ذلك اضطرابات عضوية أو وظيفية تدخل في باب التشخيص السيكاتري، وهي الاضطرابات الأكثر شيوعًا في هذا الطور, والتي ستنناولها في القسم التالي من هذا الفصل.