للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- اضطرابات القلق:

من التطورات الجوهرية التي شهدها تصنيف الاضطرابات السلوكية في السنوات الأخيرة, وخاصةً في DSM في طبعاته الأخيرة, استعباد الفئة المرضية التي شاعت منذ مطلع هذا القرن وحتى عام ١٩٨٠, وهي فئة العصاب neurosis, وحلّت محلها ثلاث فئات تصنيفية هي: اضطرابات القلق، والاضطرابات السيكوسوماتية، واضطرابات المفارقة "التفكك"١ وهي جميعًا من فئة الاضطرابات الوظيفية.

ولعلنا في هذا الصدد نشير إلى أن العصاب الكلاسيكي واضطرابات الشخصية بصفة عامة نادرًا ما تظهر لأول مرة في طور أرذل العمر, فهذا الطور يستحضر معه القلق والاكتئاب والاضطراب السيكوسوماتي. كما أكدت البحوث أنه لا توجد فروق دالة بين مختلف المراحل العمرية في طرق التعامل مع هذه الصعوبات, فإذا كان المسن المتقدم في العمر يشعر بالقلق نتيجة الفقدان والتدهور, فإن الشخص الأصغر سنًّا قد يشعر بالقلق أيضًا نتيجة مواجهة تحديات الحياة, وعلى الرغم من هذه الأسباب المختلفة, فإن أعراض القلق في الحالتين متشابهة "Birren & Sloane, ١٩٨٠".

وتوجد لدى المسنين في الطور المتأخر من حياتهم مصادر كثيرة مختلفة لاستجابات القلق, ومن ذلك الفقدان أو الكارثة الشخصية, كما أن القلق المزمن، الذي ينتقل عادةً من مراحل عمرية سابقة، يستمر ويستقر ويصبح نمطًا للسلوك في طور أرذل العمر, كما يظهر الخواف "الفوبيا" وفيه تتم إزاحة القلق على أشياء ومواقف تفيد كرموز خارجية للمشاعر الداخلية, ويظهر أيضًا سلوك الوسواس القهري وخاصةً حين يكون المسن في عزلة وفقدٍ للكفاءة الحسية معًا "رهين المحبسين على حد تعبير أبي العلاء".

ومن استجابات القلق الشائعة لدى المسنين في هذا الطور قلق العجز المتعلم learned helplessness كما يسميه سليجمان، وفيه يشعر الشخص أنه غير قادر على التحكم في الظروف المحيطة به, بصرف النظر عن الأفعال التي تصدر عنه.


١ مفهوم العصاب من ابتكار نظرية التحليل النفسي، وظل حتى عام ١٩٨٠ يجمع طائفة من الاضطرابات المختلفة تربطها خصائص "نظرية" مشتركة, وأهمها أنها علاماتٌ على القلق اللاشعوري، وقد حاول التصنيف الجديد DSM أن يكون نسقًا وصفيًّا، وقد أبقى على الأعصبة الخاصة مع إعطائها أسماء جديدة.

<<  <   >  >>