للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوحيدة وهو دور المريض، فالمرض ذريعة قوية لإعفاء المسن من مسئولياته الاجتماعية المعتادة، كما أنه يعطيه الحق في الحصول على العناية والرعاية والاهتمام، إلّا أن الاختلاف الجوهري بين دور المريض في طور أرذل العمر وهذا الدور في المراحل العمرية السابقة, أن المريض المسن على عكس من هم أصغر سنًّا، لا يرغب من الشفاء مادامت هناك "مكاسب" سيكلوجية للمرض.

٣- اضطرابات الإدمان:

يوجد اضطراب سيكولوجي شائع في طور أرذل العمر يتصل بإدمان المخدرات والمسكرات, وأشهر صور الإدمان لدى المسنين في الغرب هو تعاطي الكحول، فهو شائع حتى بين المودعين في مؤسسات الرعاية, ومن الغريب أن كثيرًا من هذه المؤسسات في أوربا والولايات المتحدة تُقَدِّمُ الكحول للمسنين كفاتح للشهية, أو كمهدئ, أو للإبقاء على سلوك التطبيع الاجتماعي "حيث يقدم الكحول في هذه المجتمعات للضيوف في المواقف الاجتماعية"، ويترتب على ذلك زيادة إدمان الكحول لدى المسنين, وتوجد فئات عديدة من هؤلاء؛ فمنهم من يوصف بالمدمن المتأخر وهو الشخص الذي تعوَّد على الإسراف؛ في تعاطي الكحول في وقتٍ متأخر من حياته "في سن الخمسين مثلًا", وهم أولئك الذين فقدوا أدوراهم الاجتماعية مع بلوغ هذا الطور, ومنهم من يدمن العقاقير التي تُقَدَّمُ لهم كوصفات طبية "لما تتضمنه من بعض المواد المخدرة" كالمهدئات، أو التي تُعَدُّ من قبيل المخدرات المحظورة, وبصفة عامة نقول: إن المسنين المتأخرين الذين يدمنون المسكرات والمخدرات قد يكونون إما بدأوا التعاطي والإدمان مبكرين ثم استمروا، أو بدأوا ذلك بعد الدخول في هذا الطور النهائي من حياة الإنسان, وهذه الحقائق المؤسفة تكشف لنا عن حكمة الإسلام العظيم في تحريم الخمر والمخدرات, والمسلم الذي يتجنب هذه الخبائث لن يعيش شبابًا ورشدًا صحيحين فحسب, وإنما شيخوخة سعيدة أيضًا, وإذا كان للمسكرات والمخدرات أثرها المدمر على صحة الشباب وعلاقاتهم الإنسانية وظروفهم الاقتصادية، فإن هذا الخطر يكون أشد وأفدح بالنسبة للمسنين المتأخرين, وخاصةً مع التدهور الجسمي الذي يصاحب هذا الطور, ناهيك عن أنها قد تؤدي إلى التعجيل بظهور الاكتئاب لديهم.

٤- اضطرابات البارانويا:

البارانويا Paranoia اضطراب سلوكي شائع في طور أرذل العمر, ومحور هذا الاضطراب هلاوس ووساوس حول الذات, وهو مركب من الشعور بالاضطهاد والعظمة والارتياب والشك والحقد والغيرة والحسد.

وبالرغم من شيوع مثل هذه المشاعر, فليس من المعتاد أن تنشأ فجأةً لدى المسنين

<<  <   >  >>