للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأيض في الجهاز العصبي المركزي، وإنما هي نتاج تفاعل بين العوامل الداخلية في الجسم الإنساني للمسنين والعوامل الخارجية التي تتمثل في الظروف البيئية والاجتماعية المحيطة بهم "Finch, ١٩٨٦".

لقد توافرت أدلة كثيرة خلال السنوات الأخيرة تؤكد لنا أن الفقد في الخلايا العصبية متوسط في معدله على المدى العادي لحياة الثدييات بصفة عامة، كما أن بعض مظاهر النقص الخطير في هذه الخلايا بالإضافة إلى تدهور الأيض المخي قد يظهران في بعض الحالات التي تنشأ قبل مرحلة الشيخوخة ذاتها, ومن أمثلة ذلك مرض الزهيمر وخبل الاحتشاء المتعدد اللذان قد يظهران في أطوار مبكرة من حياة الإنسان كما بينا, صحيح أن هذه الاضطرابات تزداد على نحوٍ أكبر في مرحلة الشيخوخة، إلّا أن آثارها يجب أن تتميز عن التغيرات المخية العادية التي تطرأ على المسنين من ذوي الشيخوخة العادية؛ فالشيوخ العاديون "الذين لم يدخلوا بعد طور أرذل العمر" لا يظهر لديهم نقص شديد في الخلايا العصبية إلّا في مناطق محدودة من المخ "Terry & Greson, ١٩٧٦".

ومع ذلك فإن الشيخوخة العادية ليست بلا حدود, لقد أكدت البحوث الحديثة "Gottfries, ١٩٨٦" أن هناك قدرًا كبيرًا من التشابه في التغيرات البنيوية والبيوكيمائية في المخ بين المسنين من نمط "الشيخوخة العادية" الذين يتقدمون كثيرًا في السن, وأولئك الذين يعانون من الاضطرابات السابقة التي يتصف بها من يدخلون بالفعل طور أرذل العمر "ما تتمثل في أنواع الاضطرابات الوظيفية والعضوية التي تناولنها" ولعل هذا ما دفع بعض العلماء المعاصرين إلى اقتراح أحد الفروض الذي لا يزال في حاجة إلى أدلة حاسمة, وهو أن عملية الشيخوخة العادية إذا تآزرت معها عوامل بيئية سلبية, قد تؤدي إلى ظهور أعراض الخبل والخرف التي تميز طور أرذل العمر.

وبالطبع فإن البيئة السلبية تؤثر في الإنسان في مختلف مراحل عمره، وقد عرضنا أمثلة لذلك طوال الفصول السابقة من هذا الكتاب, إلّا أن أثرها الخطير في هذا الطور الذي يتمثل في ظهور صور التدهور والاضطراب التي تناولناها في هذا الفصل يعني أن الشيخوخة المتأخرة تحمل درجات متفاوتة من خصائص أرذل العمر, وقد عرض "Finch, ١٩٨٦" بالتفصيل للتغيرات البنيوية والفسيولوجية والبيوكيميائية التي تطرأ على المخ الإنساني نتيجة لمحض التقدم في السن، حتى إنه ليبدو لنا أن التحول إلى طور أرذل العمر مرحلة لا بُدَّ أن يصل إليها من يعيشون

<<  <   >  >>