للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن لم تكن مستحيلة, وبالطبع أيضًا فإن الوصول إلى هذا الاتفاق يكون ميسورًا في الحالات البسيطة، أما مع المشكلات المعقدة فقد تزداد هوة الخلاف اتساعًا؛ كأن يرفض الابن أو يتردد في قبول فكرة حاجة والده المسن للعلاج النفسي، كما أن المسن قد يرفض فكرة المرض الذي يحتاج لمثل هذا التدخل العلاجي، وقد ينشأ عن ذلك أن كلًّا من الابن الراشد والوالد المسن يؤجلان البحث عن العلاج حتى تصل المشكلة إلى درجة كبيرة من الحدة والخطر.

٢- تحديد أسباب المشكلة: حالما يتم تحديد المشكلة تصبح الخطوت الهامة التالية تحديد أسبابها، وقد عرضنا في الفصل السابق الأسباب المفترضة للأنواع المختلفة من الاضطرابات النفسية في الشيخوخة, كما يتناولها الوضع الراهن لكلٍّ من علم النفس المرضي والطب العقلي "السيكياتري"، وكما حددها الدليل الأخير للجمعية الأمريكية للطب العقلي DSM IV، وبالطبع عرضة للتغير المستمر في ضوء الأدلة التي تتوافر لدى العلماء يومًا بعد يوم.

ومن الواجب -في معظم الحالات- على المعالج النفسي أن يتوافر له فهم جيد لتاريخ الحالة, ويشمل ذلك العوامل المنبئة بالمشكلة الراهنة, والمسارات المختلفة التي اتخذتها، والتوقعات المختلفة لها إذا لم يتم التدخل العلاجي، ومن حقائق الوضع الراهن للاضطرابات السلوكية أننا لا نفهم بعد إلا القليل من هذه الاضطرابات فهمًا جيدًا, كما أن بعض هذه المشكلات أيسر فهمًا في بعض المراحل العمرية دون غيرها، فمشكلات الطفولة مثلًا أوضح نسبيًّا من مشكلات الراشدين والمسنين.

وتوجد عدة طرق يستخدمها العلماء في تحديد أسباب المشكلات نذكر منها:

أ- توصيف خصائص مجموعة من الأفراد التي تشخص بأنها تعاني من اضطراب معين, وهذه الطريقة ليست دقيقة لأسبابٍ كثيرة؛ لعل أهمها: عدم وجود مجموعات للمقارنة يمكن من خلالها الحكم على ما إذا كانت العوامل المفترضة ترتبط بالفعل بالمجموعة المرضية, أم أنها عوامل مشتركة في مرحلة عمرية معينة, بصرف النظر عن الاضطراب ذاته.

ب- المقارنة بين المجموعة المرضية ومجموعة ضابطة: وبالطبع فإن اختيار مجموعة المقارنة "المجموعة الضابطة" الملائمة من الصعوبة بمكان، وخاصةً مع المسنين, ومع ذلك فإن مجموعتي المسنين يجب أن تتكافأ على الأقل

<<  <   >  >>