٤- تتطلب الموضوعية أن يقوم بعمليات التسجيل والتقدير والحكم "وهي المكونات الجوهرية للملاحظة العلمية" أكثر من ملاحظ واحد، على أن يكونوا مستقلين بعضهم عن بعض، وهذا يتضمن قابلية البحث العلمي للاستعادة والتكرار Replicability.
٥- المعطيات والبيانات والمعلومات التي يجمعها الباحثون بالملاحظة العلمية هي وحدها الشواهد والأدلة التي تقرر صحة الفرض أو النظرية, وعلى الباحث أن يتخلى عن فرضه العلمي أو نظريته إذا لم تتوافر أدلة وشواهد كافية على صحتها.
وهكذا يصبح البحث العلمي في النمو مختلفًا عن الآراء ووجهات النظر التي عرضها الفلاسفة والمفكرون حول طبيعة الطفل وتنشئته. لقد عوملت هذه الآراء في الماضي على أنها حقائق, وكان الافتراض الأساسي وراء ذلك أن العقول الكبرى تصدر آراؤها عن استبصارات كبرى, إلّا أن من بديهيات الطريقة العلمية في عصرنا أن نميِّزَ دائمًا بين الرأي والحقيقة.
فإذا كانت الحقيقة هي ما يمكن أن نتفق حوله اتفاقًا مستقلًّا, وبالتالي ما يمكن أن يكون من نوع المعطيات والبيانات والمعلومات الموضوعية، بالمعنى الذي عرضناه, فإن الرأي هو ما يمكن أن نختلف فيه, وهو عادة نوع من التفسير والتأويل وإعطاء المعنى والمغزى للحقائق, ويظل الرأي له هذه الطبيعة الخلافية حتى تتوافر عليه شواهد وأدلة إيجابية كافية، وبهذا يتحول الرأي الذي يكون في بدايته نوعًا من "الفرض العلمي" إلى مستوى "القانون العلمي"، وحينئذ يقترب القانون العلمي من طبيعة الحقيقة. ومن المعروف في فلسفة العلم أن القانون العلمي ليس ثابتًا مطلقًا, فإن شاهدًا مضادًا أو دليلًا سلبيًّا واحدًا ضد الفرض أو القانون العلمي, يرجح مئات الشواهد والأدلة الإيجابية التي تؤيده، وحينئذ لا بدَّ أن يوضع هذا القانون العلمي موضع الاختبار من جديد, وتصاغ آراء وفروض جديدة, وبهذا يتطور العلم ويتقدم.