اختيار بعض جوانب السلوك فقط لتسجيلها, وبالطبع فإن هذا التقييد يفقد الملاحظة خصوبة التفاصيل التي تتوافر بالطرق السابقة، إلّا أن ما تفقده في جانب الخصوبة تكسبه في جانب الدقة والضبط, ولعل أعظم جوانب الكسب أن الباحث يستطيع أن يختبر بسهولةٍ بعض فروضه العلمية باستخدام البيانات التي يحصل عليها بهذه الطرقة، وهو ما يعجز عنه تمامًا إذا استخدم الأوصاف القصصية التي يحصل عليها بالطرق الحرة السابقة, وتوجد ثلاث طرق من نوع الملاحظة المقيدة هي:
أ- عينة السلوك: وفي هذه الطريقة يكون على الباحث أن يسجل أنماطًا معينة من السلوك في كل مرة يصدر فيها عن المفحوص؛ كأن يسجل مرات الصراخ التي تصدر عن مجموعة أطفال سن ما قبل المدرسة، أو مرات العدوان بين أطفال المرحلة الابتدائية, وقد يسجل الباحث معلومات وصفية إضافية أيضًا؛ ففي تسجيل السلوك العدواني قد يلاحظ الباحث أيضًا عدد الأطفال المشاركين في العدوان وجنس الطفل، ومن يبدأ العدوان، ومن يستمر فيه إلى النهاية، وما إذا كانت نهاية العدوانية تلقائية أم تطلبت تدخل الكبار، وهكذا. ويحتاج هذا إلى وقت طويل بالطبع, وتزداد مشكلة الوقت حدة إذا كان على الباحث أن يلاحظ عدة مفحوصين في وقت واحد؛ فمثلًا إذا كان الباحث مهتمًّا بالسلوك العدواني الذي يصدر عن ستة أطفال خلال فترة لعب طولها ٦٠ دقيقة, فإن عليه أن يلاحظ كل طفل منهم بكل دقة لخمس فترات طول كل منها دقيقتان طوال الزمن المخصص للملاحظة، ويسجل كل ما يصدر عن الطفل مما يكن أن ينتمي إلى السلوك العدواني, وبالطبع ييسر عليه الأمر استخدام وسائل التسجيل الكنولوجية الحديثة التي أشرنا إليها فيما سبق.
وقد يسهل عليه الأمر -إذا لجأ لى التسجيل الشخصي المباشر- أن يستخدم نوعًا من الحكم والتقدير للسلوك الذي يلاحظه، وتفيده في هذا الصدد مقاييس التقدير التي تتضمن نوعًا من الحكم على مقدار حدوث السلوك موضع البحث, ومن ذلك أن يحكم على السلوك العدواني للطفل بأنه:
يحدث دائمًا - يحدث كثيرًا - يحدث قليلًا - نادرًا ما يحدث - لا يحدث على الإطلاق.
وعليه أن يحدد بدقة معنى "دائمًا - كثيرًا - قليلًا - نادرًا - لا يحدث" حتى لا ينشأ غموض في فهم معانيها، وخاصةً إذا كان من الضروري وجود ملاحظ آخر لنفس السلوك يسجل تقديراته مستقلًّا تحقيقًا لموضوعية الملاحظة "وهو شرط واجب الحدوث كما سنبين فيما بعد".