مختلفة من الإحباط، فمثلًا قد يعرض على المجموعة الأولى من الأطفال عددًا من المشكلات التي تستعصي على الحل, ويعطيهم تعليمات تتضمن وصف هذه المشكلات بالسهولة وقابليتها للحل, ويطلب منهم أن يعملوا على حلِّها خلال فترة زمنية محددة، وبها تتعرض هذه المجموعة لأكبر قدر من الإحباط, والمجموعة الثانية قد تعرض عليهم مشكلات صعبة, ولكنها تقبل الحل, ويطلب منهم حلها في نفس الفترة الزمنية، وبالطبع فإن هذه المجموعة تتعرض أيضًا للإحباط ولكن بمقدار أقل, أما المجموعة الثالثة الضابطة فيطلب منها أداء أعمال سهلة لا تؤدي إلى إحباط, ويضع الباحث المجموعات الثلاث في موقف اجتماعي أثناء حل المشكلات حتى يمكن ملاحظة وتسجيل سلوكهم العدواني.
في هذه الحالة يمكن للباحث أن يحدد ما إذا كانت زيادة درجة الإحباط تؤدي إلى زيادة مقدار العدوان, وهو ما يتوقعه فرض البحث, وتتحقق صحة هذا الفرض إذا وجد الباحث أن المجموعة التي تعرضت لأكبر قدر من الإحباط سلكت سلوكًا عدوانيًّا أكبر من غيرها, وأن المجموعة الضابطة سلكت سلوكًا عدوانيًّا أقل من غيرها.
والميزة الفريدة والهامة في التجربة هي أنه حين يتم التحكم في العوامل الدخيلة, فإن المتغير المستقل يؤثر تأثيرات واضحة؛ لأن التغيرات فيه تنعكس بآثارها في المتغير التابع, وهو ما يمكن البرهنة عليه مباشرة من نتائج البحث التجريبي.
وبدون الإجراءات التجريبية يكون من الصعب الحكم على مدى إسهام جميع العوامل التي تؤدي إلى نتيجة معينة أو تحدث أثرًا خاصًّا حكمًا دقيقًا؛ فمثلًا نجد أن شدة الاستجابات العدوانية لدى الأطفال تتأثر بعوامل كثيرة, مثل: الجنس والمستوى الاقتصادي والاجتماعي, وخبرات الإحباط السابقة, ووجود سلطة الكبار أو عدم وجودها, ثم الخوف من العقاب على السلوك العدواني, وبالطبع يمكن للدراسات التي تعتمد على الملاحظة المباشرة أن تعطي بيانات هامة عن أثر هذه المتغيرات, إلّا أن إجراء التجارب المضبوطة يعطينا بيانات أكثر دقة ووضوحًا, كما أن التفسير السببي لا يزودنا به بوضوح إلّا المنهج التجريبي.
وتوجد تصميمات تجريبية كثيرة لا يتسع المقام لتناولها في هذا الكتاب، إلّا أن ما يهمنا أن نشير إليه هو مسألة الضبط والتحكم التجريبي التي ترددت كثيرًا فيما سبق, وأشهر الطرق لتحقيق ذلك ما يسمى التوزيع العشوائي للمفحوصين على المعالجات التجريبية المختلفة, وهي طريقة تهيئ لكل مفحوص فرصة متساوية لأن يتعرض لأيّ معالجة أو شرط في الموقف لتجريبي دون أيّ قصد متعمد من الباحث, وبهذا يمكن للعوامل المختلفة التي قد تؤثر في المتغيرات التابع أن تتوزع