المعلى بن زياد القردوسي قال: كان لصفوان بن محرز سرب يبكي فيه، وكان يقول: قد أرى مكان الشهادة لو تشايعني نفسي.
عن الحسن قال: لقيت أقواماً كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم الله عليكم، ولقد لقيت أقواماً كانوا من حسناتهم أشفق أن لا تقبل منهم من سيآتكم. ولقد صحبت أقواماً كان أحدهم يأكل على الأرض وينام على الأرض، منهم صفوان بن محرز المازني.
وكان يقول: إذا أويت إلى أهلي وأصبت رغيفاً أكلته فجزى الله الدنيا عن أهلها شراً. والله ما زاد على رغيف حتى فارق الدنيا، يظل صائماً ويفطر على رغيف ويشرب عليه من الماء حتى يتروى ثم يقوم فيصلى حتى يصبح، فإذا صلى الفجر أخذ المصحف فوضعه في حجره يقرأ حتى يترجل النهار، ثم يقوم فيصلي حتى ينتصف النهار، فإذا انتصف النهار رمى بنفسه على الأرض فنام إلى الظهر فكانت تلك نومته حتى فارق الدنيا. فإذا صلى الظهر قام فصلى إلى العصر، فإذا صلى العصر وضع المصحف في حجره فلا يزال يقرأ حتى تصفر الشمس.
عن الحسن قال: كان لصفوان بن محرز سرب لا يخرج منه إلا للصلاة.
غيلان بن جرير قال: كانوا يجتمعون، صفوان وإخوانه، فيتحدثون فلا يرون تلك الرقة. فيقولون: يا صفوان حدث أصحابك. قال فيقول: الحمد لله فيرق القوم وتسيل دموعهم، كأنها أفواه المزاد.
ثابت البناني قال: أخذ عبيد الله بن زياد ابن أخ لصفوان بن محرز فحبسه في السجن. فلم يدع صفوان شريفاً بالبصرة يرجو منفعته إلا تحمل به عليه. فلم ير لحاجته نجاحاً. فبات في مصلاه حزيناً. قال: فهوم من الليل فإذا آت قد أتاه في منامه فقال: يا صفوان قم فاطلب حاجتك من جهتها. قال: فانتبه فزعاً فقام فتوضأ ثم صلى ثم دعا. فأرق ابن زياد فقال: علي بابن أخي صفوان بن محرز. فجاء بالحرس وجيء بالنيران ففتحت تلك الأبواب الحديد في جوف الليل، فقال: ابن أخي صفوان أخرجوه فإني منعت من النوم منذ الليلة، فأخرج فأتي به ابن زياد فقال: انطلق بلا كفيل ولا شيء. فما شعر صفوان حتى ضرب عليه ابن أخيه بابه. قال صفوان: من هذا؟ قال: أنا فلان. قال: أي ساعة هذه الساعة؟ فحدثه الحديث.