يكنى أبا نصر، وقد يشتبه هذا بالذي قبله إذا قيل: فتح الموصلي، وهما اثنان معروفان عند أهل العلم وإذا فرق بينهما بالكنية أو باسم الأرب تبايناً. وقد حكي عن هذا نحو الحكاية التي حكيناها عن الأول في حق أولاده ويحتمل أن يكون عن الأول.
أبو بكر بن عفان قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: بلغني أن بنتاً لفتح الموصلي عريت فقيل له: ألا تطلب من يكسوها؟ فقال: لا، أدعها حتى يرى الله عز وجل عريها وصبري عليها. قال: فكان إذا كان ليالي الشتاء جمع عياله وقال بكسائه عليهم ثم قال: اللهم أفقرتني وأفقرت عيالي، وجوعتني وجوعت عيالي، وأعريتني وأعريت عيالي؛ فبأي وسيلة توسلتها إليك، وإنما تفعل هذا بأوليائك وأحبائك، فهل أنا منهم حتى أفرح.
إبراهيم بن نوح الموصلي قال: رجع فتح الموصلي إلى أهله بعد العتمة وكان صائماً فقال: عشوني، فقالوا: ما عندنا شيء نعشيك به. قال: فما لكم جلوساً في الظلمة؟ قالوا ما عندنا شيء نسرج ولا سراج؟ بأي يد كانت مني؟ فما زال يبكي إلى الصباح.
أبو بكر بن عفان قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: بلغني عن فتح الموصلي أنه كان يتجزأ بفلس في اليوم يشتري به نخالة.
إبراهيم بن عبد الله قال: صدع فتح الموصلي، ففرح وقال: يا رب ابتليتني ببلاء الأنبياء، فشكر هذا أن أصلي الليلة أربعمائة ركعة.
بشر بن حارث قال: قال فتح الموصلي: من أدام النظر بقلبه ورثه ذلك الفرح بالمحبوب، ومن آثره على هواه ورثه ذلك حبه إياه، ومن اشتاق إليه وزهد فيما سواه ورعى حقه وخافه بالغيب، ورثه ذلك النظر إلى وجهه الكريم.
أبو جعفر، ابن أخت بشر بن الحارث، قال: كنت يوماً واقفاً ببابنا إذا أقبل شيخ ثائر الشعر ملتف بالعباء فقال لي: بشر في البيت؟ قلت: نعم فقال: ادخل فقل: فتح بالباب. قال: فخرج مسرعاً فصافحه واعتنقه فقال له الشيخ: يا أبا نصر إني ذكرتك البارحة فاشتقت إلى لقائك. قال: فدفع إلي درهماً فقال: خذ بأربعة دوانيق خبزاً، ويكون جيداً، وبدانقين تمراً. قال الشيخ:
٧٢٤ - هو: فتح الموصلي، الزاهد، الولي العابد، أبو نصر، فتح بن سعيد الموصلي، توفي سنة عشرين ومائتين انظر سير أعلام النبلاء ٩/١٧٩.