حذيفة المرعشي قال: مررت بالرقة بأصحاب السويق، ورجل يبيع السويق عليه بتة وهو مقبل على غلامين، وعلى رأسه كمة دنسة فقلت: لو ألقيت هذه الكمة.
فقال: أصبت قلبي يصلح عليها. قلت: أراك مقبلاً على الغلامين أفمن حبهما؟ قال: إني أجل الله عز وجل أن أشغل قلبي بحب أحد مع حبه، ولكن أرحمهما.
حذيفة العابد، صاحب يوسف بن أسباط، قال: لما اصطلح الروم والعرب قلت: فما أصنع الآن في الرباط؟ فخرجت حتى أتيت الرقة فجئت إلى قوم قلائين، فقلت أعمل معكم فتنظرون إلى عمل فتجزون من الكراء بقدر ما أستحقه. قالوا نعم. فجعلت أعمل معهم. وكان ثم شيخ جالس بين يديه زنبيل سويق يبيع، على رأسه قلنسوة سوداء مخرقة وفرو مخرق وبين يديه صبيان يلعبان ويقتتلان، وهو متشاغل بهما يزجرهما وينهاهما.
قال: فقلت له: أني أحسبك تحبهما. قال: لا والله ما أحبهما، ولكن أرحمهما، وما أحد أحب إلي من الله عز وجل. قال: فأعجبني قوله وأنست به، وكان ثم شباب رفث بعضهم على بعض فقلت له: ألا تنهى هؤلاء الشباب؟ فقال: إني لأجل الله عز وجل أن أذكره عند