ومن عقلاء المجانين مجنونة في جبل من جبال بيت المقدس يقال لها:
٨٨١ - زهراء الوالهة
محمد بن سلمة قال: سمعت ذا النون المصري يقول: بينا أنا في بعض أودية بيت المقدس إذ سمعت صوتاً يقول: يا ذا الأيادي التي لا تحصى، ويا ذا الجود والبقاء متع بصر قلبي من الجولان في بساتين جبروتك، واجعل همتي متصلة بجود لطفك يا لطيف، وأعذني من مسالك المتحيرين بجلال بهائك يا رؤوف، واجعلني لك في جميع الحالات خادماً وطالباً، وكن لي يا منور قلبي وغاية طلبي في الفضل صاحباً. قال ذا النون: فطلبت الصوت حتى ظهر لي، فإذا امرأة كأنها العود المحترق، وعليها درع من الصوف، وخمار من الشعر أسود قد أضناها الجهد وأفناها الكمد وذوبها الحب، وقتلها الوجد. فقلت لها: السلام عليك. فقالت: وعليك السلام يا ذا النون فقلت: لا إله إلا الله كيف عرفت اسمي ولم تريني؟ قالت: كشف عن سري الحبيب فرفع عن قلبي حجاب العمى فعرفني اسمك. فقلت: ارجعي إلى مناجاتك. فقالت: أسألك يا ذا البهاء أن تصرف عني شر ما أجد فقد استوحشت من الحياة. ثم خرت ميتة. فبقيت متحيراً متفكراً. فأقبلت عجوز كالوالهة فنظرت إليها ثم قالت: الحمد لله الذي كرمها. قلت: من هذه؟ فقالت: ألم تسمع بزهراء الوالهة؟ هذه ابنتي توهم الناس منذ عشرين سنة أنها مجنونة وإنما قتلها الشوق إلى ربها.