رجاء بن مسلم العبدي قال: كنا نكون عند عجردة العمية في الدار. قال: فكانت تحيي الليل صلاة. وربما قال: تقوم من أول الليل إلى السحر فإذا كان السحر نادت بصوت لها محزون: إليك قطع العابدون دجى الليالي بتبكير الدلج إلى ظلم الأسحار يستبقون إلى رحمتك وفضل مغفرتك، فبك إلهي لا بغيرك أسألك أن تجعلني في أول زمرة السابقين إليك، وأن ترفعني إليك في درجة المقربين، وأن تلحقني بعبادك الصالحين، فأنت أكرم الكرماء، وأرحم الرحماء، وأعظم العظماء، يا كريم. ثم تخر ساجدة فلا تزال تبكي وتدعو في سجودها حتى يطلع الفجر فكان ذلك دأبها ثلاثين سنة، عبد الرحمن بن عمرو الباهلي قال: حدثتني دلال بنت أبي المدل قالت: حدثتني أمي آمنة بنت يعلى بن سهيل قالت: كانت عجردة العمية تغشانا فتظل عندنا اليوم واليومين. قالت: فكانت إذا جاء الليل لبست ثيابها وتقنعت ثم قامت إلى المحراب فلا تزال تصلي إلى السحر ثم تجلس فتدعو حتى يطلع الفجر.
قالت: فقلت لها، أو قال لها بعض أهل الدار: لو نمت من الليل شيئاً. فبكت وقالت: ذكر الموت لا يدعني أنام.
جعفر بن سليمان قال: حدثني بعض نسائي، أمي أو غيرها من أهلي قالت: رأيت عجردة العمية في يوم عيد عليها جبة صوف، وقناع صوف، وكساء صوف. قالت: فنظرت فإذا هي جلد وعظم. قالت: وسمعتهم يذكرون عنها أنها لم تفطر ستين عاماً.