إبراهيم بن أدهم قال: لقيت رجلاً بالإسكندرية يقال له أسلم بن زيد الجهني. فقال: من أنت يا غلام؟ فقلت: شاب من أهل خراسان. قال: ما حملك على الخروج من الدنيا؟ فقلت: زهداً فيها ورجاء ثواب الله تعالى. فقال: إن العبد لا يتم رجاؤه لثواب الله تعالى حتى يحمل نفسه على الصبر. فقال له رجل ممن كان معه: وأي شيء الصبر؟ فقال: إن أدنى منازل الصبر أن يروض العبد نفسه على احتمال مكاره الأنفس. قال: قلت ثم مه؟ قال: إذا كان محتملاً للمكاره أورث الله عز وجل قلبه نوراً، قلت: فماذا النور؟ قال: سراج يكون في قلبه يفرق بين الحق والباطل والمتشابه. ثم قال: يا غلام إياك إذا صحبت الأخيار وجاريت الأبرار أن تغضبهم عليك، لأن الله تعالى يغضب لغضبهم ويرضى لرضاهم، وذلك أن الحكماء هم العلماء، هم الراضون عن الله إذا سخط الناس. يا غلام احفظ عني واعقل واحتمل، ولا تعجل، إياك والبخل. قلت: وما البخل؟ قال: أما البخل عند أهل الدنيا فهو أن يكون الرجل ضنيناً بماله، وأما عند أهل الآخرة فهو الذي يضن بنفسه عن الله. ألا وإن العبد إذا جاد بنفسه لله أورث الله قلبه الهدى والتقى، وأعطي السكينة والوقار والحلم الراجح والعقل الكامل.