محمد بن المبارك الصوري قال: سمعت الوليد بن مسلم يقول: غزا المسلمون غزوة فيهم الديلمي، فأسرته الروم وصلبوه على الدقل، لما رآه المسلمون مصلوباً حملوا على الروم حملة فأخذوا المركب الذي فيه الشيخ فأنزلوه عن الدقل. فقال لهم: أعطوني ماء أصب علي. فقالوا: لم تصب عليك؟ فقال: إني جنب، لأنهم لما صلبوني أخذتني نعسة فرأيت نفسي كأني على نهر فيه وصائف فمددت يدي إلى واحدة منهن فافترعتها فأصابتني جنابة.
٨١٣ - عابد آخر
عن معروف الكرخي قال: رأيت رجلاً في البادية شاباً حسن الوجه، له ذؤابتان حسنتان، وعلى رأسه رداء قصب وعليه قميص كتان، وفي رجله نعل طاق. قال معروف: فتعجبت منه في مثل ذلك المكان ومن زيه فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال: وعليك السلام ورحمة الله يا عم، فقلت: الفتى من أين؟ فقال: من مدينة دمشق. قلت: ومتى خرجت منها؟ قال: ضحوة النهار. قال معروف: فتعجبت وكان بينه وبين الموضع الذي رأيته فيه مراحل كثيرة فقلت له: وأين المقصد؟ فقال: مكة، فعلمت أنه محمول فودعته ومضى ولم أره. حتى مضت ثلاث سنين. فلما كان ذات يوم وأنا جالس في منزلي أتفكر في أمره وما كان منه إذا بإنسان يدق الباب فخرجت إليه فإذا أنا بصاحبي فسلمت عليه وقلت: مرحباً وأهلاً. وأدخلته المنزل فرأيته منقطعاً والهاً تالفاً عليه زرمانقة حافياً حاسراً فقلت: هيه أي هيه أي شيء الخبر؟ فقال: يا أستاذ لاطفني حتى أدخلني الشبكة ورماني، فمرة يلاطفني ومرة يهددني، ويجيعني مرة ويكرمني أخرى، فليته وقفني على بعض أسرار أوليائه ثم ليفعل بي ما شاء. قال معروف: فأبكاني كلامه فقلت له: فحدثني ببعض ما جرى عليك منذ فارقتني. فقال: هيهات أن أبديه وهو يريد أن نخفيه، ولكن بدياً ما فعل، في طريقي إليك، مولاي وسيدي، ثم استفرغه البكاء فقلت: وما فعل بك؟ قال: جوعني ثلاثين يوماً ثم جئت إلى قرية فيها مقثأة قد نبذ منها المدود وطرح، فقعدت آكل منه فبصر بي صاحب المقثأة فأقبل إلي بضرب ظهري وبطني، ويقول: يا لص ما خرب مقثأتي غيرك، منذ كم أنا أرصدك حتى وقعت عليك؟ فبينا