[ذكر المصطفين من العباد المقدسيين المجهولين الأسماء]
٧٧٤ - عباد ثلاثة
بشر بن بشار المجاشعي، وكان من العابدين، قال: لقيت عباداً ثلاثة ببيت المقدس، فقلت لأحدهم: أوصني قال: ألق نفسك مع القدر حيث ألقاك، فهو أحرى أن يفرغ قلبك ويقل همك، وإياك أن تسخط ذلك فيحل بك السخط وأنت منه في غفلة لا تشعر به. وقلت للآخر: أوصني، قال: ما أنا بمستوص فأوصيك - قلت: على ذاك عسى الله عز وجل أن ينفع بوصيتك. قال: أما إذ أبيت إلا الوصية فاحفظ عني: التمس رضوانه في ترك مناهيه فهو أوصل لك إلى الزلفى لديه. قال: فقلت للآخرة: أوصني فبكى واستحر سفحاً للدموع ثم قال: أي أخي لا تبتغ من أمرك تدبيراً غير تدبيره فتهلك فيمن هلك، وتضل فيمن يضل.
٧٧٥ - عباد سبعة
أحمد بن محمد الصوفي قال: قال لي أستاذي أبو عبد الله بن أبي شيبة: كنت ببيت المقدس وكنت أحب أن أبيت في المسجد وما كنت أترك. فلما كان في بعض الأيام بصرت في الرواق بحصر قائمة، فلما أن صليت العتمة وراء الإمام أتيت الحصر فاختبأت وراءها، وانصرف الناس والقوام، ثم خرجت إلى الصحن فلما سمعت غلق الأبواب وقعت عيني على المحراب فنظرت إليه وقد انشق ودخل منه رجل وثاني وثالث إلى أن تم سبعة واصطف القوم وزال عقلي، فلم أزل واقفاً في موضعي شاخصاً زائل العقل إلى أن انفجر الصبح فخرج القوم على الطريق الذي دخلوا.
٧٧٦ - عابد آخر
كلاب بن جري قال: رأيت شاباً ببيت المقدس قد عمش من طول البكاء، فقلت له: يا فتى كم تكون العين سليمة على هذا البكاء؟ قال: فبكى ثم قال: كما شاء ربي فلتكن، وإذا شاء سيدي فلتذهب فليست أكرم علي من بدني، إنما أبكي رجاء السرور والفرح في الآخرة، وإن تكن الأخرى فهو والله شقاء الدهر وحزن الأبد والأمر الذي كنت أخافه وأحذره على نفسي، وإني احتسبت على الله عز وجل غفلتي عن نفسي وتقصيري عن حظي، ثم غشي عليه.