عن هشام بن حسان قال: كان منصور يأتي المسجد فيصلي ركعتين، ما بين المغرب والعشاء، يختم فيهما القرآن مرتين، ويبلغ من الثالثة إلى الطواسين وكانت عليه عمامة يجعلها كوراً كوراً يمسح بها دموعه، وإذا ابتلت وضعها بين يديه.
قال المؤلف: قلت: هذه الرواية ليست بمحققة وإنما كان هذا الرجل يختم القرآن في الليل والنهار مرتين، مرة بعد المغرب والعشاء ومرة بالنهار. يدل على صحة هذا، عن هشام بن حسان قال: كنت أصلي أنا ومنصور ابن زاذان جميعاً، وكان يختم القرآن ما بين الظهر والعصر ويختم مابين المغرب والعشاء وكان يقوم إلى عمود فيصلي فيختم القرآن، وكان يبكي ويمسح بعمامته عينه فلا يزال يبلها كلها بدموعه ثم يلفها ويضعها بين يديه.
صالح بن عمر قال: كان الحسن يقعد مع أصحابه ولا يقوم حتى يختم منصور بن زاذان القرآن.
شيخ من أهل واسط يكنى أبا سعيد، وكان جاراً لمنصور بن زاذان، قال: رأيت منصوراً توضأ يوماً فلما فرغ دمعت عيناه ثم جعل يبكي حتى ارتفع صوته، قلت: رحمك الله ما شأنك؟ فقال: وأي شيء أعظم من شأني؟ إني أريد أن أقوم بين يدي من لا تأخذه سنة ولا نوم، فلعله أن يعرض عني! قال: فأبكاني والله بقوله.
عمرو بن عون قال: سمعت هشيماً يقول: مكث منصور بن زاذان يصلي الفجر بوضوء عشاء الآخرة عشرين سنة.
عن أبي عوانة قال: لو قيل لمنصور بن زاذان: إنك ميت اليوم أو غداً، ما كان عنده مزيد.
قال هشيم: لو قيل لمنصور بن زاذان إن ملك الموت على الباب، ما كان عنده زيادة في العمل، وذلك أنه كان يخرج فيصلي الغداة في جماعة. ثم يجلس فيسبح حتى تطلع الشمس، ثم يصلي إلى الزوال، ثم يصلي الظهر، ثم يصلي إلى العصر، ثم يصلي العصر، ثم يجلس
٣٧٣ - هو: منصور بن زادان - بزاي وذال معجمة، الواسطي: أبو المغيرة الثقفي، ثقة ثبت عابد، من السادسة، مات سنة تسع وعشرين على الصحيح.