ويكنى ابا البركات سمع الكثير وكتب الكثير وروي لنا عن ابي محمد الصريفيني وابن النقور وخلق كثير من القدماء.
وما عرفنا من مشايخنا اكثر سماعا منه ولا اكثر كتابة للحديث ولا اصبر على الاقراء ولا احسن بشرا ولقاء ولا اسرع دمعة ولا اكثر بكاء.
ولقد كنت اقرا عليه الحديث في زمان الصبا ولم اذق بعد طعم العلم فكان يبكي بكاء متصلا وكان ذلك البكاء يعمل في قلبي وأقل ما يبكي هذا هكذا الا لامر عظيم فاستفدت ببكائه ما لم استفد بروايته.
وكان مجلسه منزها عن غيبة الناس وكان رضي الله عنه على طريقة السلف وكنا نتنظره من يوم الجمعة لياتي من داره بنهر القلائين الى جامع المنصور فلا ياتي على قنطرة باب البصرة وانما يمر على القنطرة العتيقة فسالته عن سبب هذا فقال كانت تلك دار ابن معروف القاضي فلما قبض عليه بنيت قنطرة.
قال وحدثنا ابو محمد التميمي عنه انه احل من يعبر عليها غير اني لا افعل.
وكان مولده في رجب سنة اثنتين وستين وتوفي يوم الخميس الحادي والعشرين من المحرم سنة خمس وثلاثين وخمس مائة.
وعدته في مرضه وقد بلي وذهب لحمه فقال لي ان الله عز وجل لا يتهم في قضائه.