عمر بن واصل، عن سهل بن عبد الله قال: مرض رجل من أولياء الله عز وجل مرضاً مشكلاً. فكان الناس إذا رأوه قالوا: به جنة فأكثر عليه القول فلما عظم كلام من تكلم في أمره قالوا له: نعالجك؟ فقال لهم: يا قوم اعلموا أن لي طبيباً إن سألته داوى كل عليل، لكني أنا لا أسأله أن يداويني، فقيل له: ولم ذاك وأنت تحتاج إلى الدواء؟ فقال: أخشى إن برأت من هذه العلة طغيت. فقيل له: فإن لنا مجنوناً فسل طبيبك هذا أن يداويه. فقال: نعم إيتوني به، فأتوه برجل في عنقه غل عظيم ويداه مشدودة إلى عنقه في قيد ثقيل، قد استمكنت منه العلة. فقال لهم: خلوني معه.
فعمد جهال القوم إلى يده فحلواها وأدخلوه معه في البيت الذي كان فيه، وأغلقوا عليه الباب وهم يظنون أن سيفضي إليه بمكروه، فلما كان بعد ساعة صاحوا به فأجابهم وخرج إليهم وكلمهم كلام عاقل وهو يبكي بكاء شديداً. فقالوا له: خبرنا بقصتك وما كان، فقال: دخلت على هذا الرجل وأنا على ما قد علمتم من علتي لا أعقل شيئاً كما رأيتموني، فقربني منه وأدناني وجعل يده على صدري والأخرى على رأسي، فأحسست بطعم البرء يدب في جسمي حتى زال ما بي. فقالوا له: ادخل معنا إليه فسله يدعو الله عز وجل لنا، فدخل مع القوم إليه فلم يجدوه في البيت وستره الله عز وجل عنهم، فمن عقل منهم عظمت ندامته وكثر أسفه. قال سهل: وهذا الرجل من بيت المقدس يقال له إدريس بن أبي خولة الأنطاكي.