للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٥٠ - الحجاج العابد

محمد بن صالح التميمي قال: قال أبو عبد الله مؤذن مسجد بني جدار: جاورني شاب فكنت إذا أذنت للصلاة وأقمت كأنه في نقرة قفاي. فإذا صليت صلى ثم لبس نعليه فدخل منزله. فكنت أتمنى أن يكلمني أو يسألني حاجة. فقال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله عندك مصحف تعيرني أقرأ فيه؟ فأخرجت إليه مصحفاً فدفعته إليه فضمه إلى صدره ثم قال: ليكونن اليوم لي ولك شأن.

ففقدته ذلك اليوم فلم أره يخرج. فأقمت المغرب فلم يخرج. وأقمت العشاء الآخرة فلم يخرج. فساء ظني فلما صليت العشاء الآخرة جئت إلى الدار التي هو فيها فإذا فيها دلو ومطهرة وإذا على بابه ستر فدفعت الباب فإذا به ميت والمصحف في حجرة. فأخذت المصحف من حجرة واستعنت بقوم على حمله حتى وضعناه على سريره.

وبقيت ليلتي أفكر من أكلم حتى أكفنه فأذنت الفجر بوقت ودخلت المسجد لأركع، فإذا بضوء في القبلة فدنوت منه فإذا كفن ملفوف في القبلة فأخذته وحمدت الله عز وجل وأدخلته البيت وخرجت فأقمت الصلاة فلام سلمت إذا عن يميني ثابت البناني ومالك بن دينار وحبيب الفارسي وصالح المري، فقلت لهم يا إخواني ما غدا بكم؟ قالوا: مات في جوارك الليلة أحد؟ قلت: مات شاب كان يصلي معي الصلوات. فقالوا لي: أرناه. فلما دخلوا عليه كشف مالك بن دينار الثوب عن وجهه قبل موضع سجوده ثم قال: بأبي أنت يا حجاج إذا عرفت في موضع تحولت منه إلى موضع غيره حتى لا تعرف، خذوا في غسله. وإذا مع كل واحد منهم كفن، فقال كل واحد منهم: أنا أكفنه، فلما طال ذلك منهم قلت لهم: إني فكرت في أمره

<<  <  ج: ص:  >  >>