[ذكر المصطفين من عباد البوادي والفلوات المجهولين الأسماء]
٩١٢ - عابد
عن سعيد بن أبي عروبة قال: حج الحجاج فنزل بعض المياه بين مكة والمدينة ودعا بالغداء فقال لحاجبه: انظر من يتغدى معي وأسأله عن بعض الأمر. فنظر نحو الجبل فإذا هو بأعرابي بين شملتين من شعر، نائم. فضربه برجله وقال: إيت الأمير. فأتاه فقال له الحجاج: اغسل يديك وتغد معي. فقال: إنه دعاني من هو خير منك فأجبته. قال: ومن هو؟ قال: الله تبارك وتعالى، دعاني إلى الصوم فصمت. قال: في هذا الحر الشديد؟ قال: نعم صمت ليوم أشد حراً من هذا اليوم. فقال: فأفطر وصم غداً. قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غد. قال: ليس ذاك إلي. قال: فكيف تسألني عاجلاً بآجل لا تقدر عليه؟ قال: إنه طعام طيب. قال: لم تطيبه أنت ولا الطباخ، إنما طيبته العافية.
٩١٣ - عابد آخر
سعيد بن سالم قال: نزل روح بن زنباع منزلاً بين مكة والمدينة في حر شديد. فانقض عليه راع من جبل. فقال: يا راعي هلم إلى الغداء. قال: إني صائم. قال: وإنك لتصوم في هذا الحر الشديد؟ قال: أفأدع أيامي تذهب باطلاً؟ قال روح: لقد ضنت بأيامك يا راع إذ جاد بها روح بن زنباع.
٩١٤ - عابد آخر
السري بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن عبيد بن عمير قال: خرجت مع أبي فكنا في أرض فلاة. فرفع لنا سواد فظنناه شجرة. فلما دنونا إذا رجل قائم يصلي، فانتظرناه لينصرف فيرشدنا إلى القرية التي نريد، فلما لم ينصرف قال له أبي: إنا نريد قرية كذا وكذا فأوم لنا قبلها بيدك. قال ففعل. قال: فإذا له حوض محوض يابس ليس فيه ماء وإذا قربه يابسة. فقال له أبي: إنا نراك بأرض فلاة وليس عندك ماء، أفنجعل في قربتك من هذا الماء الذي عندنا؟ فأومأ أن لا، فلم نبرح حتى جاءت سحابة فمطرت فامتلأ حوضه ذلك. فلما أن دخلنا القرية ذكرناه لهم فقالوا: نعم ذاك فلان لا يكون في موضع إلا سقي. قال: فقال أبي: كم من عبد لله عز وجل صالح لا نعرفه.