واعلم أن أم الدرداء اثنتان: فالكبرى تسمى خيرة بنت أبي حدرد، زوجة أبي الدرداء، لها صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال إنها ماتت قبل أبي الدرداء. وأم الدرداء الصغرى: اسمها هجيمة بنت حيي الوصابية، قبيلة من حمير، وهي زوجة أبي الدرداء أيضاً. ويقال فيها جهيمة وهي التي خطبها معاوية بعد موت أبي الدرداء فأبت أن تتزوجه.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: الكبرى لها صحبة، وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث، والصغرى لا صحبة لها، روت عن أبي الدرداء وكلتاهما زوجة أبي الدرداء.
وقال أبو القاسم الطبري: يروي عن الصغرى: إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، وزيد بن أسلم، وطلحة ابن عبد الله بن كريز، وصفوان بن عبد الله بن صفوان، وعثمان بن حيان الدمشقي، وسالم بن أبي الجعد، ويونس بن ميسرة بن حلبس.
قلت: وكان لأبي الدرداء بنت تسمى الدرداء، وليست من هذه ولا من هذه، بل من امرأة أخرى على ما ذكر محمد بن سعد. وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث صفوان بن عبد الرحمن قال: قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام: فقلت: نعم. قالت: فادع لنا بخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل". قال: فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء فقال لي مثل ذلك يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم في كتاب الدعاء. وأخرج متصلاً به ليدل على أن الحديث من روايتها عن أبي الدرداء، من حديث طلحة بن عبد الله ابن كريز، قال: حدثتني أم الدرداء قالت: حدثني سيدي، يعني أبا الدرداء، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: ولك بمثل". قال أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي: قال أبو بكر البرقاني: وهذه أم الدرداء الصغرى التي روت هذا الحديث وليس لها صحبة ولا سماع من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من مسند أبي الدرداء. فأما أم الدرداء الكبرى فلها صحبة وليس لها في الكتابين حديث والله أعلم.
٨١٩ - هي: أم الدرداء زوج أبي الدرداء، اسمها هجيمة، وقيل: جهيمة، الأوصابية، الدمشقية، وهي الصغرى، وأما الكبرى فاسمها خيرة، والصغرى ثقة فقيهة من الثالثة، ماتت سنة إحدى وثمانين.