[ذكر المصطفين من المجهولين الأسماء من عباد جبل لبنان]
٨٧٢ - عابد
محمد بن حسان قال: بينا أنا أدور في جبل لبنان إذ خرج علي شاب قد أحرقته السموم والرياح، عليه طمر رث، وقد سقط شعر رأسه على حاجبيه. فلما نظر إلي ولى هارباً مستوحشاً. فقلت له: يا أخي، موعظة لعل الله عز وجل أن ينفعني بها. فالتفت إلي وهو مار فقال: يا أخي، احذر الحق فإنه غيور، ولا يحب أن يرى في قلب عبده سواه.
٨٧٣ - عابد آخر
إبراهيم بن الجنيد قال: حدثني أبو فروة السائح قال: بينا أنا أسح في جبل لبنان إذ جن الليل علي وأنا في بعض أوديته، فإذا بصوت محزون وهو يقول: يا من آنسني بقربه، وأوحشني من خلقه، وكان عند مسرتي ارحم اليوم عبرتي، فدنوت منه فإذا شيخ قد سقط حاجباه على عينيه. فلما أحس بي نفر وقال: إنسي أنت؟ قلت: إنسي. قال: إليك عني، فمنك فررت.
٨٧٤ - عابد آخر
يوسف بن الحسين قال: سمعت ذا النون يقول: بينا أنا أسير على جبل لبنان في جوف الليل إذا أنا بعريش من ورق البلوط، وإذا شاب قد أخرج رأسه من العريش بوجه أحسن من القمر. فقال: شهد لك قلبي في النوازل بمعرفة درجة الفضل لك، وكيف لا يشهد لك قلبي بذلك ولا يحسن بقلبي أن يألف غيرك؟ هيهات لقد خاب لديك المقصرون عنك. ثم أدخل رأسه في عريشه وفاتني كلامه، فلم أزل واقفاً إلى أن طلع الفجر ثم أخرج رأسه فنظر إلى القمر فقال: إلهي أشرقت بنورك السموات، وأنارت بنورك الظلمات، وحجبت جلالك عن العيون فوصلت به معارف القلوب، ثم قال: بالتجائي إليك في حزني انظر إلي نظرة من ناديته فأجاب، فوثبت إليه فسلمت عليه فرد علي السلام. فقلت: رحمك الله أسألك عن مسألة؟ قال: لا. قلت: ولم ذاك؟ قال: ما خرج روعك من قلبي. قلت: حبيبي وما الذي أفزعك مني؟ قال: بطالتك في يوم شغلك، وتركك الزاد ليوم معادك، ووقوفك على الظنون يا ذا