محمد المبارك الصوري قال: بينما أنا أجول في بعض جبال بيت المقدس إذا أنا بشخص منحدر من جبل، فإذا هي امرأة عليها مدرعة من صوف وخمار من صوف. فسلمت فردت فقالت: يا هذا من أين أقبلت؟ فقلت: رجل غريب. قالت: يا سبحان الله، وهل تجد مع سيدك وحشة الغربة وهو مؤنس الغرباء ومحدث الفقراء؟ فبكيت، فقالت: مم بكاؤك، ما أسرع ما وجدت طعم الدواء؟ فقلت: أو لا يبكي العليل إذا وجد طعم العافية؟ قالت: لا. قلت: لم؟ قالت: لأنه ما خدم القلب خادم هو أحب إليه من البكاء، ولا خدم البكاء خادم هو أحب إليه من الشهيق والزفير في البكاء. قلت: علميني رحمك الله فإني أراك حكيمة. فأنشأت تقول:
دنياك غرارة فذرها ... فإنها مركب جموح
دون بلوغ الجهول منها ... منيته، نفسه تطيح
لا تركب الشر واجتنبه ... فإنه فاحش قبيح
والخير فاقدم عليه ترشد ... فإنه واسع فسيح
فقلت: زيديني. فقالت: أحبب ربك شوقاً إلى لقائه، فإن له يوماً يتجلى فيه لأوليائه.