عن عبد الله بن المبارك قال كنت بمكة فاصابهم قحط فخرجوا الى المسجد الحرام يستسقون فلم يسقوا والى جانبي اسود منهوك فقال اللهم انهم قد دعوك فلم تجبهم واني اقسم عليك ان تسقينا قال فوالله ما لبثنا ان سقينا.
قال فانصرف الاسود واتبعته حتى دخل دارا في الخياطين فعلمتها فلما اصبحت اخذت دنانير واتيت الدار فاذا رجل على باب الدار فقلت اردت رب هذه الدار فقال أنا قلت مملوك لك أردت شراءه فقال لي أربعة عشر مملوكاً أخرجهم إليك فأخرجهم فلم يكن منهم. فقلت له: بقي شيء؟ فقال لي غلام مريض فأخرجه فإذا هو الاسود فقلت بعنيه قال هو لك يا ابا عبد الرحمن فاعطيته اربعة عشر دينارا واخذت المملوك فلما صرنا الى بعض الطريق قال لي يا مولاي أي شيء تصنع بي وانا مريض فقلت لما رأيت عشية امس قال فاتكأ على الحائط فقال اللهم اذ شهرتني فاقبضني اليك قال فخر ميتا قال فانحشر عليه اهل مكة.
وقد رويت لنا هذه الحكاية على صفة اخرى قال ابن المبارك قدمت مكة فاذا الناس قد قحطوا من المطر وهم يستسقون في المسجد الحرام وكنت في الناس مما يلي باب بني شيبة اذ اقبل غلام اسود عليه قطعتا خيش قد اتزر باحداهماوالقى الاخرى على عاتقه فصار في موضع خفي الى جانبي فسمعته يقول الهي اخلقت الوجوه كثرة الذنوب ومساوىء الاعمال وقد منعتنا غيث السماء لتؤدب الخليقة بذلك فاسالك يا حليما ذا اناة يا من لا يعرف عباده منه الا الجميل اسقهم الساعة الساعة.
قال ابن المبارك فلم يزل يقول الساعة الساعة حتى استوت بالغمام واقبل المطر من كل مكان وجلس مكانه يسبح واخذت ابكي اذ قام فاتبعته حتى عرفت موضعه فجئت الى فضيل بن عياض فقال لي ما لي اراك كئيبا فقلت سبقنا إليه غيرنا فتولاه دوننا فقال وما ذاك فقصصت عليه القصة فصاح وسقط وقال ويحك يا ابن المبارك خذني إليه فقلت قد ضاق الوقت وسأبحث عن شأنه.