عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال كان عندنا رجل مجنون يكنى أبا نصر من جهينة ذاهب العقل في غير ما الناس فيه لا يتكلم حتى يكلم وكان يجلس مع أهل الصفة في آخر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وكان إذا سئل عن شيء أجاب فيه جوابا حسنا معجبا. فأتيته يوما وهو في آخر المسجد مع أهل الصفة منكسا رأسه واضعا جبهته بين ركبتيه فجلست إلى جنبه فحركته فانتبه فزعا فأعطيته شيئا كان معي فأخذه وقال قد صادف منا حاجة فقلت له يا أبا نصر مال الشرف قال حمل ما ناب العشيرة أدناها وأقصاها والقبول من محسنها والتجاوز عن مسيئها.
قلت له فما المروءة قال إطعام الطعام وإفشاء السلام وتوقي الأدفاس.
قلت له فما السخاء قال جهد مقل قلت له فما البخل قال أف وحول وجهه عني فقلت تجيبني قال قد أجبتك.
قال وقدم علينا هارون فأخلى له المسجد فوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعى منبره وفي موقف جبريل عليه السلام واعتنق اسطوانة التوبة ثم قال قفوا بي على أصحاب الصفة فلما أتاهم حرك أو نصر وقيل هذا أمير المؤمنين فرفع رأسه وقال أيها الرجل انه ليس بين عبدا الله وأمة نبيه صلى الله عليه وسلم ورعيتك وبين الله خلق غيرك وان الله سائلك عنهم فاعد للمسألة